من حديث أبي ما يدل على أن التعريف يجب بعد الحول ولفظه قال: وجدت صرة فيها مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "عرفها" فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته فقال: عرفها حولا فلم أجد ثم أتيته ثالثا فقال: "احفظ وعاءها وعددها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها" فاستمتعت بها فلقيته بعد بمكة وقد وقع الخلاف بين الحفاظ في هذه الرواية فعن بعضهم بعضهم أن الزيادة على العام غلط كما جزم بذلك ابن حزم قال ابن الجوزي والذي يظهر لي أن سلمة أخطأ فيها ثم ثبت واستمر على عام واحد وجمع بعضهم بأن الزيادة على العام محمولة على مزيد الورع والكلام في ذلك يطول والمراد بقوله: في الحديث ولتكن وديعة عندك أنه يجب ردها فتجوز بذكر الوديعة عن وجوب الرد لعوضها بعد الإستنفاق لها.
وأما كون لقطة مكة أشد تعريفا من غيرها فلما ثبت في الصحيح أنها لا تحل لقطة مكة إلا لمعرف مع أن التعريف لا بد منه في لقطة مكة وغيرها فحمل ذلك على المبالغة في التعريف لأن الحاج قد يرجع إلى بلده ولا يعود فاحتاج الملتقط لها إلى المبالغة في التعريف وقد قيل غير ذلك.
وأما كونه لا بأس أن ينتفع الملتقط بالشيء الحقير كالعصا والسوط ونحوهما فلما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث جابر قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به وفي إسناده المغيرة بن زياد وفيه مقال: وقد وثقه وكيع وابن معن وابن عدى وفي الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم: "مر بتمرة في الطريق فقال: "لولا إني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها" وقد أخرج أحمد والطبراني والبيهقي من حديث يعلى بن مرة مرفوعا "من التقط لقطة يسيرة حبلا أو درهما أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة أيام فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام" زاد الطبراني "فإن جاء صاحبها وإلا فليتصدق بها" وفي إسناد عمر بن عبد الله بن يعلى وهو ضعيف وأخرج عبد الرزاق من حديث أبي سعيد أن عليا رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدينار وجده في السوق فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: