للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤] و {الظَّالِمُونَ} و {الْفَاسِقُونَ} ولا يحكم بما أنزل الله إلا من يعرف التنزيل والتأويل ومما يدل على ذلك حديث معاذ لما بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: له بم تقضي؟ قال: بكتاب الله قال: "فإن لم تجد" قال: فبسنة رسول الله قال: "فإن لم تجد"؟ قال: فبرأيي وهو حديث مشهور قد بينت طرقه ومن أخرجه في بحث مستقل ومعلوم أن المقلد لا يعرف كتابا ولا سنة ولا رأى له بل لا يدري بأن لحكم موجود في الكتاب أو السنة فيقضي به أو ليس بموجود فيجتهد رأيه فإذا ادعى المقلد أنه حكم برأيه فهو يعلم أنه يكذب على نفسه لاعترافه بأنه لا يعرف كتابا ولا سنة فإذا زعم أنه حكم برأيه فقد أقر على نفسه أنه حكم بالطاغوت.

وأما اعتبار كونه متورعا عن أموال الناس عادلا في القضية حاكما بالسوية فلكون من لم يتورع عن أموال الناس لا يتورع عن الرشوة وهي تحول بينه وبين الحق كما سيأتى وهكذا من لم يكن عادلا لجرأة فيه أو مداهنة أو محاباة فهو يترك الحق وهو يعلم به فهو أحد قضاة النار لأنه عرف الحق وجار في الحكم.

وأما كونه يحرم عليه الحرص على القضاء وطلبه فلحديث عبد الرحمن ابن سمرة في الصحيحين وغيرهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن ابن سمرة: "لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها".

وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنة من حديث أنس رضي الله عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه ينزل ملك عليه يسدده"

وأخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة" ولا ينافي هذه الأحاديث ما أخرجه أبو داود بإسناد لا مطعن فيه من

<<  <  ج: ص:  >  >>