للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة:٤٥] إلى آخر الآية وهي وإن كانت حكاية عن بني إسرائيل فقد قرر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس في الصحيحين وغيرهما أن الربيع كسرت ثنية جارية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص وأما تقييد ذلك بالإمكان فلأن بعض الجروح قد يتعذر الاقتصاص فيها كعدم إمكان الاقتصار على مثل ما في المجنى عليه وخطاب الشرع محمول على الإمكان من دون مجاوزة للمقدار الكائن في المجني عليه فإن كان لا يمكن إلا بمجاوزة للمقدار وبمخاطرة أو أضرار فالأدلة الدالة على تحريم دم المسلم وتحريم الإضرار به بما هو خارج عن القصاص مخصصه لدليل الإقتصاص.

وأما كونه يسقط بإبراء أحد الورثه ويلزم نصيب الآخرين من الدية فلما تقدم من كون أمر القصاص إلى الورثة وأنهم بخير النظرين فإذا أبرأوا من القصاص سقط وإن أبرأ أحدهم سقط لأنه لا يتبعض ويستوفي الورثة نصيبهم من الدية وأخرج أبو داود من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة" والمراد بالمقتتلين أولياء المقتول وينحجزوا أي ينكفوا عن القود بعفو أحدهم ولو كان امرأة وأما قوله: الأول فالأول أي الأقرب فالأقرب هكذا فسر الحديث أبو داود وفي إسناده حصن بن عبد الرحمن ويقال: ابن محصن أبو حذيفة الدمشقي قال: أبو حاتم الرازي لا أعلم من روى عنه غير الأوزاعي ولا أعلم أحدا نسبه وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن المرأة تعقل عصبتها من كانوا ولا يرثون منها إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد وثقه غير واحد وتكلم فيه غير واحد فقوله: وهم يقتلون قاتلها يفيد ان ذلك حق لهم يسقط بإسقاطهم أو إسقاط بعضهم وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>