للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يجب على الجيش طاعة أميرهم إلا في معصية الله فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني وعن ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩] قال: نزلت في عبد الله ابن حذافة بن قيس ابن عدي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية أخرجه أحمد وأبو داود وهو في الصحيحين وفيهما أيضا من حديث علي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطبا فجمعوا ثم قال: أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا وتطيعوا فقالوا: بلى قال: فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا إنما فررنا إلى رسل الله من النار فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لو دخلوا لم يخرجوا منها أبدا" وقال: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعورف" والأحاديث في هذا الباب مثيرة وفيها التصريح بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإنما تجب طاعة الأمراء مالم يأمروا بمعصية الله.

وأما كون على الأمير مشاورة الجيش والرفق بهم وكفهم عن الحرام فلدخول ذلك تحت قوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:١٥٩] وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور الغزاة معه في كل ما ينوبه ووقع منه في غير موطن وأخرج مسلم وغيره من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور أصحابه لما بلغه إقبال أبي سفيان والقصة مشهورة وأجاب عليه سعيد بن عبادة بقوله: والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها وأخرج أحمد والشافعي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: مارأيت أحدا قط كان أكثر مشورة لأصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج مسلم رحمه الله وغيره من حديث عائشه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" وأخرج مسلم رحمه الله تعالى أيضا من حديث معقل

<<  <  ج: ص:  >  >>