للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفسد عبادة لنفع يعود إلى نفسه فلا ضمان عليه"، مطابق للقاعدة من حيث عدم ترتيب الضمان على ما جاز فعله شرعا؛ لأن الاضطرار يبيح له ذلك، وأما قوله: "وإن كان النفع يعود إلى غيره فعليه الضمان"، فهو استثناء من القاعدة؛ لأن المتلف في هذه الحالة ليس مضطرا بنفسه١، ويمكنه أن يدفع تلك المفسدة من جهة غيره والضمان إنما يسقط عن المضطر نفسه (على ما تقدم


١ انظر: المغني ٤/٣٩٤، والذي يظهر من كلام بعض الفقهاء أن التقييد بهذه القاعدة ليس محل اتفاق، حيث اتفقوا على أنه لا فدية على الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على نفسيهما، واختلفوا فيما إذا أفطرتا خوفا على ولديهما فذهب الحنفية إلى أنه لا فدية عليها - أي مع أن النفع متعلق بغيرهما، وذهب المالكية - في المشهور عنهم - إلى أن الفدية على المرضع التي تخاف على ولدها دون الحامل، وذهب الشافعية في إحدى الروايات وهي التي صححها الشيرازي إلى أنهما إن خافتا على ولديهما لزمتهما الفدية، وهو كذلك مشهور مذهب الحنابلة. وهم بهذا يعملون بهذا القيد؛ لأن المضرة التي دفعتها الحامل والمرضع على رأي الشافعية والحنابلة والتي دفعتها المرضع فقط - على رأي المالكية - تعلقت بغيرها فلزمتهما الفدية التي هي نوع من الضمان، والله أعلم. انظر: الهداية ١/١٣٧، وشرح الخرشي مع حاشية العدوي ٢/٢٦١، والمهذب ١/١٧٨، والمغني ٤/٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>