فإن هذين الحديثين يدلان على صحة شراء الإنسان ذا رحمه المحرَّم وامتلاكه ابتداء ولا يصح دوام استمرار ملكه له وإنما جاز ذلك ابتداء لما فيه من مصلحة تحريره من العبودية كما يبدو للناظر في المسائل التي مثل بها الفقهاء لهذه القاعدة حيث يجعلون علة ذلك مراعاة المصلحة بما ر يتنافى مع النصوص في كل حكم بحسبه، ففي المثالين اللذين ذكرهما ابن نجيم رحمه الله وهما: أن الفاسق يصح توليته القضاء ابتداء وينعزل لو فسق في أثناء توليه القضاء، وأنه يصح الإذن للعبد الآبق ابتداء ولو أبق بعد الإذن له بطل ذلك الإذن، يتبين أنهم قالوا فيهما: يغتفر في الابتداء مالا يغتفر في الدوام؛ لأن حالة النائب أو المأذون معلومة ابتداء فإذا ولاه القضاء وهو فاسق صح ذلك عند القائلين به لأنه ولاه مع علمه بفسقه، أما إذا ولاه وهو عدل فكأنه شَرَط ضمنا في توليته القضاء أن يكون عادلا فإذا تغير حاله بما يقتضي تغيير الحكم
١ أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. صحيح مسلم مع النووي ١٠/١٥٢ (العتق/فضل عتق الوالد) .