والظاهر من إيراد السيوطي للضابطين المتقدمين أنه يريد بالأول منهما أن الإعارة قد تجب ابتداء كوجوب إعارة الدلو لمن يريد أن يستقي أو يسقي مواشيه وهو مضطر لذلك، ويريد بالآخر أن الإعارة قد تلزم بمعنى وجوب استمرارها وعدم جواز استرجاع العين المعارة إذا كان في استرجاعها مفسدة ظاهرة، وضرر على المستعير كمن أعار غيره أرضا ليزرعها فأراد المعير أن يرجع قبل أن يحصد المستعير ما زرع، وكمن أعار غيره أرضا ليدفن فيها ميتا، ثم أراد الرجوع فيها قبل أن يبلى ذلك الميت حيث ذهب كثير من الفقهاء إلى منعه من ذلك على ما سيأتي تفصيله قريبا إن شاء الله؛ وذلك دفعا لأعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما؛ إذ في لزوم الإعارة في هذه الأحوال مضرة في حق المعير لكن الشارع لم يراعها لكون ارتكابها يدفع مفسدة أعظم.
وقد قيد بعض العلماء هذا الضابط وما في معناه بعدم تضرر
١ انظر حكم العاريّة في: الكشاف للزمخشري ٤/٢٣٧، وأحكام القرآن لابن العربي ٤/١٩٨٥، وأضواء البيان ٩/٥٥٦، والمحلى ١٠/١٦٠، والمغني ٧/٣٤٠، ونيل الأوطار ٦/٤٢.