للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم تأتي الفقرة الثانية مقررة ومؤكدة للقيم التي وردت في الفقرة الأولى عن طريق سوق القصة مثلًا لحالهم جميعًا.

إن الإنسان العاقل يحدد منهجه في الحياة وسلوكه بين الناس على ضوء القيم التي يعتنقها ويؤمن بها.

فلما كانت منطلقات زعماء قريش زينة الحياة الدنيا "المال والجاه" دفعتهم إلى ذلك المطلب السخيف التافه بتخصيصهم بمجلس لا يشاركهم فيه الضعفاء والفقراء.

فليتدبر هؤلاء القوم ومن كان على شاكلتهم ممن أعشت زينة الحياة الدنيا بصائرهم عن رؤية الحق. فليتدبروا قصة صاحب الجنتين وصاحبه وليعتبروا فإن فيها العظة والعبرة:

صديقان أوتي أحدهما من زهرة الحياة الدنيا ما تتطلع إليه النفس البشرية وتنتشئ لرؤيته، لقد أعطاه الله سبحانه وتعالى جنتين١ فيهما من أنواع الفاكهة والأعناب ما لذ وطاب وقد حفتا بسياج من النخيل وبين أشجار النخيل والأعناب ساحات واسعة مخصصة لزراعة الحبوب والخضراوات الأخرى، ولا شك أن هذا التنويع في الزرع والشجر يضفي جمالًا وبهاء على منظر الجنتين ويضفي قيمة وغلاء على ثمنهما، فمن المعهود عند أصحاب الفاكهة أن أنواعًا منها تثمر في سنوات وينقص ثمرها في سنوات أخرى كما أن أنواعًا من الزراعة تتأثر ببعض الآفات في سنوات بينما أنواع لا تتأثر بها. فالتنويع في الأنواع يجعل صاحب الزراعة في منأى عن ضياع المواسم بالكلية وفوات الثمر والحصاد.

إلا أن الجنتين في القصة أتت أكلها خير ما يكون الإيتاء والإنتاج ولم تنقص شيئًا من العطاء.


١ تطلق الجنة على البستان الذي تداخلت أغصان الأشجار فيه بحيث تستر وجه الأرض وما خلفها. وإذا كان البستان مسورًا محوطًا سمي حديقة.

<<  <   >  >>