للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلولا قريشٌ ملكها ما تعرضت ... لي الجنُّ بلهَ الإنسُ قد علمت قدري

وما ابنُ مراسٍ حينَ جئتُ مطرداً ... بذي علةٍ دوني ولا حاقدِ الصدرِ

عشيةَ أعطاني سلاحي وناقتي ... وسيفي جداً من فضلِ ذي نائلٍ غمرِ

خليلي الفتى العكليّ لم أرَ مثلهُ ... تحلبُ كفاهُ الندى شائعُ القدرِ

كأنَّ سهيلاً نارهُ حينَ أوقدت ... بعلياء لا تخفى على أحدٍ يسري

وتيهاءَ مكسالٍ إذا الليلُ جنها ... تزملَ فيها المدلجونَ على حذرِ

بعيدةِ عينِ الماءِ تركضُ بالضحى ... كركضكَ بالخيلِ المقربةِ الشقرِ

فلاةٍ يخافُ الركبُ أن ينطقوا بها ... حذارَ الردى فيها مهولةٍ قفرِ

سريعٍ بها قولُ الضعيفِ ألا اسقني ... إذا خبَّ رقراقُ الضحى خببَ المهرِ

سمت لي بالبينِ اليماني صبابةٌ ... وأنتَ بعيدٌ قد نأيتَ عن المصرِ

أتيحَ لذي بثٍّ طريدٍ تعودهُ ... همومٌ إذا ما باتَ طارقها يسري

بنجرانَ يقري الهمَّ كلَّ غريبةٍ ... بعيدةِ شأوٍ الكلمِ باقيةَ الأثرِ

يمثلها ذو حاجةٍ عرضت لهُ ... كئيبٌ يؤسى بينَ قرنةَ والفهرِ

فقالَ وما يرجو إلى الأهلِ ردةً ... ولا أن يرى تلكَ البلاد يدَ الدهرِ

لعمركَ أني يومَ نعفِ سويقةٍ ... لمعترفٌ بالبينِ محتسبُ الصبرِ

غداةَ جرت طيرُ الفراقِ وأنبأت ... بنأيٍ طويلٍ من سليمى وبالهجرِ

ومرت فلم يزجرُ لها الطيرُ عائفٌ ... تمرُّ لها من دونِ أطلالها تجري

سنيحاً وشرُّ الطيرِ ما كان سانحاً ... بشؤمى يديهِ والشواحجُ في الفجرِ

فما أنسَ مل أشياءِ لا أنسَ طائعاً ... وإن أشقذتني الحربُ إلاَّ على ذكرِ

عيوفُ الذي قالت تعزَّ وقد رأت ... عصى البين شقت واختلافاً من النجرِ

عليكَ السلامُ فارتحل غير باعدٍ ... وما البعدُ إلاَّ في التنائي وفي الهجرِ

وعفت لجفنِ العينِ جائلَ عبرةٍ ... كما ارفضَّ نجمٌ من جمانٍ ومن شذرِ

تهللَ منها واكفٌ مطرت بهِ ... جمومٌ بملءِ الشأنِ مائحةُ القطرِ

وقالت تعلم أنَّ عندي معشراً ... يرونكَ ثأراً أو قريباً من الثأرِ

فقلتُ لها إني ستبلغ مدتي ... إلى قدرٍ ما بعدهُ لي من قدرِ

ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بأعلى بليِّ ذي السلامِ وذي السدرِ

وهل أهبطن روضَ القطا غير خائفٍ ... وهل أصبحنَّ الدهرَ وسط بني صخرِ

وهل أسمعن يوماً بكاءَ حمامةٍ ... تنادي حماماً في ذرى تنضبٍ خضرِ

وهل أرين يوماً جيادي أقودها ... بذاتِ الشقوقِ أو بأنقائها العفرِ

وهل تقطعنَّ الخرقَ بي عيدهيةٌ ... نجاةٌ من العيديِّ تمرحُ للزجرِ

طوت لقحاً مثلَ السرارِ وبشرت ... بأصهبَ خطارٍ كخافيةِ النسرِ

هبوعٌ إذا ما الريمُ لاذَ من اللظى ... بأولِ فيءٍ واستكنَّ من الهجرِ

وباشرَ معمورَ الكناسِ بكفهِ ... إلى أن يكونَ الظلُّ أقصرَ من شبرِ

وقد ضمرت حتى كأنَّ وضينها ... وشاحَ عروسٍ جالَ منها على خصرِ

حديثةُ عهدٍ بالصعوبةِ ديثت ... ببعضِ الركوبِ لا عوانٍ ولا بكرِ

تخالُ بها غبَّ السرى عجرفيةً ... على ما لقينَ من كلالِ ومن حسرِ

ولو مرَّ ميلٌ بعد ميلٍ وأصبحت ... عتاقُ المطايا قد تعادينَ بالفترِ

وهل أرين بين الحفيرةِ والحمى ... حمى النيرِ أو يوماً بأكثبة الشعرِ

جميعَ بني عمي الكرامِ وإخوتي ... وذلكَ عصرٌ قد مضى قبلَ ذا العصرِ

أخلايَ لم يشمت بنا ذو شناءةٍ ... ولم تضطرب مني الكشوحُ على غمرِ

ولا منهمُ حتى دعتنا غواتنا ... إلى غايةٍ كانت بأمثالنا تزري

أتيناهمُ إذ أسلمتهم حلومهم ... فكنا سواءً في الملامةِ والعذرِ

فلأياً بلأيٍ ما نزعتا وقبلهُ ... مددنا عنانَ الغيِّ متسقاً يجري

فكنا لأقوامٍ عظاتٍ وقطعت ... وسائلُ قربى من حميمٍ ومن صهرِ

لحى اللهُ من يلحى على الحلمِ بعدما ... دعتنا رجالٌ للفخارِ وللعقرِ

وجاؤوا جميعاً حاشدينَ نفيرهم ... إلى غايةٍ ما بعدها ثمَّ من أمرِ

<<  <   >  >>