للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجشَّ دجوجيٍّ إذا جادَ جودةً ... على البيدِ أوفى واتلأبَّتْ دوافقهْ

ملثٍّ فُويقَ الأرضِ دانٍ كأنَّهُ ... دجى اللَّيلِ أرسى يفحصُ الأرضَ وادقهْ

هزيمٍ يسحُّ الماءَ عن كلِّ فيقةٍ ... مرنٍّ كثيرٍ رعدهُ وبوارقهْ

إذا جلَّلتْ أعجازهُ الرِّيحُ جلجلتْ ... تواليهِ رعداً فاستهلَّتْ رواتقهْ

إذا ما بكى شجواً تحيَّرَ مسمحٍ ... على الجوفِ حتَّى تتلئبَّ سوابقهْ

فأقلعَ عن مثلِ الرِّحالِ ترى به ... خناظيلَ أهمالٍ تجولُ حزائقهْ

إذا أنفدتْ بقلَ الرَّبيعِ وماءهُ ... تذكَّر سلسالَ الفراتِ نواهقهْ

وسربِ ظباءٍ ترتعي ظاهرَ الحمى ... إلى الجوِّ فالخَبتينِ بيضٍ عقايقهْ

مجلجلةِ الأصواتِ أُدمٍ كأنَّها ... مكاكيكُ كسرى شوِّفتْ وأبارقهْ

حماشِ الشَّوى نُجلِ العيونِ سوانقٍ ... من البقلِ حورٍ أحسنَ الخلقَ خالقهْ

ذعرتُ بمقوَرِّ اللِّياطِ مصنَّعٍ ... ممرٍّ كصدرِ الرُّمحِ عادٍ نواهقهْ

أقولُ لفتلاءِ المرافقِ سمحةٍ ... وللَّيلِ كسرٌ يضبعُ البيدَ غاسقهْ

تضمَّنتِ همِّي فاستقيمي وشمِّري ... على لاحبٍ تُنضي المطيَّ أسالقهْ

وسيري إلى خيرِ الأنامِ وروِّعي ... بلادكِ أنَّ الدَّهرَ جمٌّ بوائقهْ

إلى الأكرمينَ الأمجدينَ أولي النُّهى ... بني مالكٍ ضخمٍ عظيمٍ سرادقهْ

بني الحارث الخير بن عمرو بن آكل ال ... مُرارِ الذي لا يرهبُ البخلَ طارقهْ

لهمْ جبلٌ يعلو الجبالَ مشيَّدٌ ... أشمٌّ رفيعٌ يحسرُ الطَّرفَ شاهقهْ

وما علمتْ في النَّاسِ طرّاً قبيلةٌ ... لها المجدُ إلاَّ مجدُ كندةَ فائقهْ

وما من حمًى في النّاسِ إلاَّ حمًى لنا ... وإلا لنا غربيُّهُ ومشارقهْ

أتعلمُ أنَّ الصِّدقَ في القولِ واضحٌ ... أما إنَّ خيرَ القولَ في النَّاسِ صادقهْ

وما من فتًى في النّاسِ إلاَّ يسوقهُ ... إلى الموتِ يومٌ لا محالةَ سائقهْ

لهُ أجلٌ ساعٍ لهُ لا مؤخِّراً ... إذا جاءَ محتوماً ولا هو سابقهْ

وكلُّ فتًى يوماً وإن ضنَّ رغبةً ... بصاحبهِ لا بدَّ يوماً مفارقهْ

[امرؤ القيس بن جبلة]

وقال امرؤ القيس بن جبلة السَّكونيّ:

إنِّي على رغمِ الوشاةِ لقائلٌ ... سقى الجارتينِ العارضُ المتهلِّلُ

من الهيفِ صفراوانِ أنَّى أُتيحتا ... لعينيَّ إنِّي مهتدٍ أو مضلَّلُ

فما زلتُ أدعو اللهَ حتَّى استماهما ... من العينِ جونٌ ذو عثانينَ مسبلُ

به بردٌ صافي الجنوبِ تمدُّهُ ... بناتُ مخاضِ المزنِ أبيضُ مُنزلُ

ودونهما من تلعِ بسيانَ فاللِّوى ... أخاقيقُ فيها صلِّيانٌ وحنظلُ

نباتانِ أمّا الصِّلِّيانُ فظاهرٌ ... وحنظلهُ في باطنِ التَّلعِ مسهلُ

وقد أذعرُ الوحشَ الرُّبوضَ بعرمسٍ ... مضبَّرةٍ حرفٍ تخبُّ وترقلُ

كأني على حقباءَ خدَّدَ لحمها ... إرانٌ وشحّاجٌ من الجونِ معجلُ

صهابيَّةُ العُثنونِ مخطوفةُ الحشا ... تخيَّلُ للأشباحِ غرباً فتجفلُ

تضمَّنها حتَّى تكاملَ نسئُها ... إرانٌ فمرفضُّ الرِّداهِ فأيَّلُ

يجدُّ بها في خفضهِ وهبابه ... أحذُّ جماديٌّ من الحقبِ صلصلُ

يصرِّفها طوعاً وكرهاً إذ أبتْ ... مصكٌّ جلتْ عنهُ العقايقُ صندلُ

ألدُّ شديدُ الأخدعينِ بليتهِ ... من الزَّرِّ أبلادٌ جليبٌ ومُخضلُ

يعارضُ تسعاً قد نحاها لموردٍ ... يجورُ بذاتِ الضِّغْنِ منها ويعدلُ

فلاقى أبا بشرٍ على الماءِ راصداً ... به من زماعِ الصَّيدِ وردٌ وأفكلُ

يقلِّبُ أشباهاً كأنَّ نصالها ... بعيجةُ جمرٍ أو ذبالٌ مفتَّلُ

فلمّا رضى إعراضها واغترارها ... وواجههُ من منبضِ القلبِ مقتلُ

رماها بمذروبِ المكفِّ كأنَّهُ ... سوى عودهِ المخشوشِ في الرأسِ مغولُ

فأنفذَ حضنيها وطرَّ وراءها ... بمعتقبِ الوادي نضيٌّ مرمَّلُ

وغادرها تكبو لحرِّ جبينها ... يناطحُ منها الأرضَ خدٌّ وكلكلُ

ومارَ عبيطٌ من نجيعٍ كأنَّهُ ... على مستوى الإطلينِ نيرٌ مرحَّلُ

<<  <   >  >>