للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصبحتُ ترميني العدى عن جماعةٍ ... على ذاكَ رامٍ من بدت لي مقاتلهْ

فمنهم عدوٌّ لي مخالٍ مكاشحٍ ... وآخرُ لي تحتَ العضاهِ حبائلهْ

وعاديةٌ تعدو عليَّ كثيبةٌ ... لها سلفٌ لا ينذرُ القتلَ قاتلهْ

فناشدتهم باللهِ حتى أظلني ... من الموتِ ظلٌّ قد علتني عواملهْ

فلما التقينا لم يزل من عديدهم ... صريعٌ هواءٌ للترابِ جحافلهْ

ولو كنتُ لا أخشى سوى فردِ معشرٍ ... لقرَّ فؤادي واطمأنت بلابلهْ

وسرتُ بأوطاني وصرتُ كأنني ... كصاحبِ ثقلٍ حطَّ عنهُ مثاقلهْ

ألم ترني حالفتُ صفراءَ نبعةً ... لها ربذيٌّ لم تثلم معابلهْ

وطالَ احتضاني السيفَ حتى كأنهُ ... يناطُ بجلدي جفنه وحمائلهْ

وجربتُ قلبي فهو ماضٍ مشيعٌ ... قليلٌ لخلانِ الصفاءِ غوائلهْ

وساخرةٍ مني ولكن تبينت ... شمائل بسامٍ عجالٍ رواحلهْ

قليلُ رقادِ العينِ تراكُ بلدةٍ ... إلى جوزِ أخرى لا تبنُّ منازلهْ

على مثلِ جفنِ السيفِ يرفعُ آلهُ ... مصاصاتُ عتقٍ وهو طاوٍ ثمائلهْ

ووادٍ مخوفٍ لا تسارُ فجاجهُ ... بركبٍ ولا تمشي لديهِ أراجلهْ

به الأسدُ والأسباد من علقت بهِ ... فقد ثكلتهُ عندَ ذاكَ ثواكلهْ

تباشرنَ بي لما برزتُ لعادةٍ ... تعودتها والعادُ جمُّ خوابلهْ

فقلتُ تنكبنَ الطريقَ لمختطٍ ... أخي شقةٍ غولٍ على من ينازلهْ

فكلمتُ من لم يدرِ ما عربيةٌ ... ومن عاشَ في لحمِ الأنيسِ أشابلهْ

فلما التقينا خامَ منهنَّ خائمٌ ... وآخرُ ذو طيرٍ تحومُ حواجلهْ

فما رمتُ جوفِ الغيلِ حتى ألفتهُ ... وأعجبني أسرابهُ ومداخلهْ

فإني وبغضي الإنسَ من بعدِ حبها ... ونأييَ ممن كنتُ ما إن أزايلهْ

لكالصقرِ جلى بعدما صادَ فتيةً ... قديراً ومشوياً ترفُّ خرادلهْ

أهابوا به فازداد بعداً وهاجهُ ... على النأيِ يوماً طلُّ دجنٍ ووابلهْ

أزاهدةٌ فيَّ الأخلاءُ أن رأت ... فتى مطرداً قد أسلمتهُ تبائلهْ

وقد تزهدُ الفتيانُ في السيفِ لم يكن ... كهاماً ولم تعمل بغشٍ صياقلهْ

فلا تعترض في الأمرِ تكفى شؤونهُ ... ولا تنصحن إلاَّ لمن هو قابلهْ

ولا تخذلِ المولى إذا ما ملمةٌ ... ألمت ونازل في الوغى من ينازلهْ

ولا تحرم المرءَ الكريمَ فإنهُ ... أخوكَ ولا تدري لعلكَ سائلهْ

وقال عبيد بن أيوب أيضاً:

ليت الذي سخرت مني ومن جملي ... ذاقت كما ذقتُ من خوفٍ وأسفارِ

ومن طلابٍ وطلابٍ ذوي حنقٍ ... يرمونَ نحويَ من غيظٍ بأبصارِ

إما تريني وسربالي يطيرُ كما ... طارت عقيقةُ قرمٍ غيرِ خوارِ

إن يقتلوني فآجالُ الكماةِ كما ... خبرتِ قتلٌ وما بالقتلِ من عارِ

وإن نجوتُ لوقتٍ غيرهِ فعسى ... وكلُّ نفسٍ إلى وقتٍ ومقدارِ

يا ربِّ قد حلفَ الأعداءُ واجتهدوا ... أيمانهم أنني من ساكنِ النارِ

أيحلفونَ على عمياءَ ويحهمُ ... ما علمهم بعظيمِ العفوِ غفارِ

إني لأرجو من الرحمنِ مغفرةً ... ومنةً من قوامِ الدينِ جبارِ

وما أخافُ هلاكاً بين عفوهما ... وما يفوتهما المستوهلُ الساري

إليهما منهما أنجو على وجلٍ ... كما نجا خائفٌ خاشٍ لآثاري

أنا الغلامُ عتيقُ اللهِ مبتهلٌ ... بتوبةٍ بعدَ إحلاءٍ وإمرارِ

خليتُ بابات جهلٍ كنتُ أتبعها ... كما يودعُ سفرُ عرصةَ الدارِ

إني لأعلمُ أني سوفَ يتركني ... صحبي رهينةُ تربٍ بينَ أحجارِ

فرداً برابيةٍ أو وسطَ مقبرةٍ ... تسفي عليَّ رياحُ البارحِ الذاري

[الخطيم المحرزي]

وقال الخطيم المحرزي من بني عبشمس، وهو من اللصوص، يستعطف قومه وهو مسجون بنجران:

أبت ليَ سعدٌ أن أضامَ ومالكٌ ... وحيُّ الربابِ والقبائلُ من عمرو

وإن أدعُ في القيسيةِ الشمِّ تأتني ... قرومٌ تسامى كلهم باذخُ القدرِ

وإن تلقَ ندماني يخبركَ أنني ... ضعيفُ وكاءِ الكيسِ لم أغذَ بالفقرِ

وتشهدُ لي العوذُ المطافيلُ أنني ... أبو الضيفِ أقري حينَ لا أحدٌ بقري

<<  <   >  >>