وأنتُ ترومُ للأشبالِ قوتاً ... وأطلبُ لابنةِ الأعمامِ مهْرا
ففيمَ تسومُ مثلي أنْ يولِّي ... ويجعلُ في يديكَ النَّفسَ قسْرا
نصحتكَ فالتمسْ يا ليثُ غيري ... طعاماً إنَّ لحميَ كانَ مرّا
فلمَّا ظنَّ أنَّ الغشَّ نُصحي ... وخالفني كأنِّي قلتُ هجْرا
مشى ومشيتُ منْ أسدينِ راما ... مراماً كانَ إذْ طلباهُ وعْرا
هززتُ لهُ الحسامَ فخلتُ أنِّي ... هززتُ بهِ لدى الظّلماءِ فجْرا
وجدتُ لهُ بجائشةٍ رآها ... لمن كذبتهُ عنهُ النَّفسُ قدْرا
فخرَّ مضرَّجاً بدمٍ كأنِّي ... هدمتُ بهِ بناءً مشمخرَّا
وقلتُ لهُ يعزُّ عليَّ أنِّي ... قتلتُ مُناسبي جلداً وقهْرا
ولكنْ رمتُ شيئاً لم يرمْهُ ... سواكَ فلمْ أُطقْ يا ليثُ صبْرا
تحاولُ أنْ تعلِّمني فراراً ... لعمرُ أبي لقدْ حاولتُ نكْرا
فلا تجزعْ فقدْ لاقيتَ حرّاً ... يحاذرُ أنْ يعابَ فمتَّ حرَّا
[معقر بن حمار]
وقال معقر بن حمار بن الحارث بن حمار بن شجنة بن مازن بن ثعلبة بن كنانة ابن سعد، وهو بارق بن عدي بن حارثة بن الغطريف بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن ثعلبة العنقاء بن امرئ القيس قاتل الجوع بن مازن بن الأزد. وكان قومه قد حالفوا بني نمير بن عامر في الجاهلية لدمٍ أصابوه في قومهم، وشهدوا يوم جبلة. وكان معقر كفّ بصره وكان قبل ذلك من فرسانهم وشعرائهم. ويوم جبلة قبل الإسلام بخمس وسبعين سنة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلّم بسبع عشرة سنة:
أمنْ آلِ شعثاءَ الحمولُ البواكرُ ... معَ الصُّبحِ قدْ زالتْ بهنَّ الأباعِرُ
وحلَّتْ سليمى في هضابٍ وأيكةٍ ... فليسَ عليها يومَ ذلك قادِرُ
تهيِّبكَ الأسفارَ مِن خشيةِ الرَّدى ... وكمْ قدْ رأينا مِن رَدٍ لا يسافِرُ
وألقتْ عصاها واستقرَّتْ بها النَّوى ... كما قرَّ عيناً بالإيابِ المسافِرُ
فصبَّحها أملاكُها بكتيبةٍ ... عليها إذا أمستْ منَ اللهِ ناظِرُ
معاويةُ بنُ الجونِ ذبيانُ حولهُ ... وحسَّانُ في جمعِ الرِّبابِ مكاثِرُ
وقد جمعا جمعاً كأنَّ زهاءهُ ... جرادٌ سفى في هبوةٍ متظاهِرُ
ومرُّوا بأطرافِ البيوتِ فردَّهمْ ... رجالٌ بأطرافِ الرِّماحِ مساعِرُ
يفرِّجُ عنَّا كلّ ثغرٍ مخافةً ... جوادٌ كسرحانِ الأباءةِ ضامِرُ
وكلّ طموحٍ في الجراءِ كأنَّها ... إذا اغتمستْ في الماءِ فتخاءُ كاسِرُ
لها ناهضٌ في المهدِ قدْ مهَّدتْ لهُ ... كما مهَّدتْ للبعلِ حسناءُ عاقِرُ
هوَى زهدمٌ تحتَ الغبارِ لحاجبٍ ... كما انقضَّ أقنى ذو جناحينِ فاتِرُ
هُما بطلانِ يعثرانِ كلاهُما ... يريدُ رئاسَ السَّيفِ والسَّيفُ نادِرُ
فلا فضلَ إلاَّ أن يكونَ جَراءةٌ ... ذوي بدنينِ والرُّؤوسُ حواسِرُ
ينوءُ وكفَّا زهدمٍ من ورائهِ ... وقدْ علقتْ ما بينهنَّ الأظافِرُ
وباتُوا لنا ضيفاً وبتْنا بنعمةٍ ... لنا مسمعاتٌ بالدُّفوفِ وسامِرُ
فلمْ نقرِهمْ شيئاً ولكنَّ قصرهمْ ... صبوحٌ لدينا مطلعَ الشَّمسِ حازِرُ
فباكرهمْ قبلَ الشُّروقِ كتائبٌ ... كأركانِ سلمى سيرُها متواتِرُ
منَ الضَّاربينَ الكبشَ يبرقُ بيضهُ ... إذا غصَّ بالرِّيقِ القليلِ الحناجِرُ
وظنَّ سراةُ الحيِّ أن لنْ يقتَّلوا ... إذا دعيتْ بالسَّفحِ عبسٌ وعامِرُ
كأنَّ نعامَ الدَّوِّ باضَ عليهمِ ... وأعينهمْ تحتَ الحبيكِ جواحِرُ
ضربْنا حبيكَ البيضِ في غمرِ لجَّةٍ ... فلمْ ينجُ في النَّاجينَ منهمْ مفاخِرُ
ولمْ ينجُ إلاَّ أنْ يكونَ طمرَّةٌ ... توائلُ أو نهدٌ ملحٌّ مثابِرُ
وقال معقر في زيد:
أجدَّ الرَّكبُ بعدَ غدٍ خفُوفُ ... وأضحتْ لا تواصلكَ الألُوفُ
وكانَ القلبُ جنَّ بها جنوناً ... ولم أرَ مثلها فيمنْ يطُوفُ
تراءتْ يومَ نخلَ بمسبكرٍّ ... تربَّبهُ الذَّريرةُ والنَّصِيفُ
ومشمولٍ عليهِ الظَّلمُ غرٍّ ... عذابٍ لا أكسُّ ولا خلُوفُ
كأنَّ فضيضَ رمَّانٍ جنيٍّ ... وأُترجٍ لأيكتهِ حفِيفُ