للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من غيرِ لا عدمٍ ولكن شيمةٌ ... إن الكرامَ همُ الكرامُ طبائعا

ربَ أمرِ قومِ قد حفظتَ عليهمُ ... لولا الإلهُ وأنتَ أصبحَ ضائعا

تبعوكَ إذ ضاقَ السبيلُ عليهمُ ... وأبى بلاؤكَ أن تكونَ التابعا

وتبيتُ ناركَ باليفاعِ كأنها ... شاةُ الصوارِ علا مكاناً يافعا

غرضاً لكلِّ مدفعٍ يرمى بهِ ... رمي السهامِ ترى لهنَّ مواقعا

وورثتَ ستةَ أفحلٍ مسعاتهم ... مجدُ الحياةِ وكنتَ أنتَ السابعا

وإذا تنازعُ قرمَ قومٍ سوقةٍ ... في المجدِ سمحَ كارهاً أو طائعا

ما ضاعَ مجدُ أبٍ ورثتَ تراثهُ ... إذ كانَ مجدُ أبٍ لآخرَ ضائعا

سبقَ ابنُ حنظلةَ السعاةُ بسعيهِ ... للغايةِ القصوى سريعاً وادعا

عضت بعبد الله إذ عضت بهِ ... عضت بعبدِ الله سيفاً قاطعا

تبدي الأمورُ لهُ إذا ما أقبلت ... ما كنَّ في أدبارهنَّ صوانعا

[عبيد الله بن الحر]

وقال عبيد الله بن الحر بن عمرو بن خال بن المجمع بن مالك بن كعب ابن سع بن عوف بن حريم بن جعفي الجعفي، وجعله السكري مع اللصوص ولم يكن لصاً، إنما كان لا يعطي الأمراء طاعة، وكان يضم إليه جماعة ويغير بهم:

ألم تعلمي يا أمَّ توبةَ أنني ... على حدثانِ الدهرِ غيرُ بليدِ

فإن لم أصبحِ شاكراً بكتييةٍ ... فعالجتُ بالكفين غلَّ حديدِ

وقد علمت خيلي بساباطَ أنني ... إذا حيلَ دونَ الطعنِ غيرُ عنودِ

أكرُّ وراءَ المحجرينَ وأدعي ... مواريثَ آباءٍ لنا وجدودِ

إذا فرغت أسيافنا من كتيبةٍ ... نبذنا بأخرى في الصباحِ ركودِ

وإن خرجوا من غمرةٍ ردها لهم ... دعايَ وتحريضي لهم ونشيدي

أقولُ لهم تموا فدىً والدي لكم ... ومالي جميعاً طارفي وتليدي

أفديهم بالوالدين وفيهمِ ... نوافذُ طعنٍ مثلُ حرِّ وقودِ

ترى النضخَ من وقعِ الأسنةِ بينهم ... جسيداً بلباتٍ لهم وخدودِ

وغيرَ ألوانَ الأسنةِ بيننا ... بأحمرَ من صونِ العروقِ فصيدِ

فدارت رحانا واستدارت رحاهمُ ... وكانَ جلادٌ دونَ كلِّ وعيدِ

وأبسلَ أهلُ المأقطين نفوسهم ... مضاربةً إذ طارَ كلُّ شرودِ

دعوني إلى مكروهها فأجبتهم ... وما أنا إذ يدعونني ببعيدِ

أقدمُ مهري في الوغا ثمَّ أنتحي ... على قربوسِ السرجِ غيرَ صدودِ

إذا ما اتقوني بالسيوفِ غشيتهم ... بنفسٍ لما تخشى النفوسَ ورودِ

فما رمتُ حتى صرعَ القومُ نشوةً ... سكارى وما ذاقوا شرابَ حدودِ

ولكنَّ وقعَ المشرفيةٍ بينهم ... لتجهزَ من يدنو لدارِ خلودِ

كأنَّ رؤوسَ الدارعينَ عشيةً ... من الحنظلِ الملقى بكلِّ صعيدِ

فأقلعتِ الغماءُ عنهم وفرجت ... ونحنُ بها من كاتمٍ وشهيدِ

وقال عبيد الله بن الحر أيضاً، وقد أخرج امرأته من السجن، وكان في مائة وثمانين فارساً معهم الفؤوس والكلاليب لمكابرة السجن، وقاتلهم يومئذ بالكوفة، وخرج آخر النهار منها، وأودع امرأته في بيوت جعفي:

ألم تعلمي يا أمَّ توبةَ أنني ... أنا الفارسُ الحامي حقائقَ مذحجِ

وأني صبحتُ السجنَ في رونقِ الضحى ... بكلِّ فتىً حامي الذمار مدججِ

فما إن برحنا السجنَ حتى بدا بنا ... جبينٌ كقرنِ الشمسِ غيرُ مشنجِ

وخدٌّ أسيلٌ من فتاةٍ حييةٍ ... ألا فسقاها كلُّ مزنٍ مبعجِ

فما العيشُ إلا أن أزوركِ خالياً ... كعادتنا من قبلِ حربي ومخرجيِ

وما أنتِ إلاَّ منيةُ النفس والهوى ... عليكِ سلامٌ من حبيبٍ مسحجِ

وما زلتُ محزوناً بحبسكِ واجماً ... وإني لما تلقينَ من بعدهِ شجي

فبالله هل أبصرتِ مثليَ فارساً ... وقد ولجوا عليكِ من كلِّ مولجِ

ومثليَ حامي دونَ مثلكِ إنني ... أشدُّ إذا ما غمرةٌ لم تفرجِ

أضاربهم بالسيفِ عنكَ لترجعي ... إلى الأمنِ والعيشِ الرفيعِ المخرفجِ

إذا ما أحاطوني كررتُ عليهم ... ككرِّ أبي شبلينِ في الخيسِ محرجِ

دعوتُ إليَّ الشاكريَّ ابنَ كاملٍ ... فولى حثيثاً ركضهُ لم يعرجِ

<<  <   >  >>