للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأوقدتُها للظَّالمِ المصطَلي بها ... إذا لمْ يرعهُ رأيهُ عنْ تودّدِ

وأغفرُ للمولى هناةً تريبُني ... فما ظلمهُ ما لمْ ينلْني بمحقدِ

ومنْ رامَ ظُلمي منهمُ فكأنَّما ... توقَّصَ حيناً من شواهقِ صنددِ

وإنِّي لذو رأيٍ يُعاشُ بفضلهِ ... وما أنا منْ علمِ الأمورِ بمبتدِ

إذا أنتَ حمَّلتَ الخؤونَ أمانةً ... فإنَّكَ قدْ أسندْتها شرَّ مسندِ

وجدتُ خؤونَ القومِ كالعرِّ يُتَّقى ... وما خلتُ غمَّ الجارِ إلاّ بمعهدِ

ولا تظهرنْ ودَّ امرئٍ قبل خبرهِ ... وبعدَ بلاءِ المرءِ فاذممْ أوِ احمدِ

ولا تتبعنَّ الرَّأيَ منهُ تقصُّهُ ... ولكنْ برأيِ المرءِ ذي اللُّبِّ فاقتدِ

ولا تزهدنْ في وصلِ أهلِ قرابةٍ ... لذخرٍ وفي صرمِ الأباعدِ فازهدِ

وإنْ أنتَ منَ الدُّنيا متاعاً فإنَّهُ ... على كلِّ حالٍ خيرُ زادِ المزوَّدِ

تمنَّى مُريءُ القيسِ موتي وإنْ أمتْ ... فتلكَ سبيلٌ لستُ فيها بأوحدِ

لعلَّ الذي يرجو ردايَ وموْتتي ... سفاهاً وحبْناً أن يكونَ هو الرَّدي

فما عيشُ منْ يرجو خِلافي بضائري ... ولا موتُ منْ قدْ فاتَ قبلي بمُخلدي

وللمرءِ أيَّامٌ تعدُّ وقدِّمتْ ... حبالُ المنايا للفتى كلَّ مرصدِ

منيَّتهُ تجري لوقتٍ وقصرهُ ... مُلاقاتها يوماً على غيرِ موعدِ

فمنْ لمْ يمتْ في اليومِ لا بدَّ أنَّهُ ... سيعلقهُ حبلُ المنيَّةِ من غدِ

فقلْ للَّذي يبغي خلافَ الذي مضى ... تهيَّأ لأُخرى مثلَها فكأنْ قدِ

فإنَّا ومنْ قدْ بادَ منَّا لكالَّذي ... يروحُ وكالقاضي البتاتِ ليغْتدي

وقال عبيد أيضاً:

لمنْ جِمالٌ قبيلَ الصُّبحِ مزمومهُ ... ميمِّماتٍ بلاداً غيرَ معلومَهْ

عالينَ رقماً وأنماطاً مظاهرةً ... وكلَّةٍ بعتيقِ العقلِ مرقومَهْ

من عبقريٍّ عليها إذ غدوْا صبحٌ ... كأنَّها منْ نجيعِ الجوفِ مدمومَهْ

كأنَّ ظعنهمُ نخلٌ موسَّقةٌ ... سودٌ ذوائبها بالحملِ مكمومَهْ

فيهنَّ هندٌ وقدْ هامَ الفؤادُ بها ... بيضاءُ آنسةٌ بالحسنِ موسومَهْ

في إنَّها كمهاةِ الجوِّ ناعمةٌ ... تُدني النَّصيفَ بكفٍّ غيرِ موشومَهْ

كأنَّها ريقتها بعدَ الكرى اغتبقتْ ... صهباءَ صافيةً بالمسكِ مختومَهْ

ممَّا يغالي بها البيّاعُ عتَّقها ... ذو شاربٍ أصهبٌ يُغلى بها السِّيمَهْ

يا منْ لبرقٍ أبيتُ الليلَ أرقبهُ ... في مكفهرٍّ وفي سوداءَ ديمومَهْ

فيرقُها حرِقٌ وماؤها دفِقٌ ... وتحتها ريّقٌ وفوقَها ديمَهْ

فذلكَ الماءُ لو أنِّي شربتُ بهِ ... إذاً شفا كبداً شكاءَ مكلومَهْ

هذا ودويَّةٍ يعيا الهُداةُ بها ... ناءٍ مسافتُها كالبُردِ ديمومَهْ

جاوزتُ مهمهَ يهماها بعيْهمةٍ ... عيرانةٍ كعلاةِ القينِ معقومَهْ

أرمي بِها عرُضَ الدَّويِّ ضامزةً ... في ساعةٍ تبعثُ الحرباءَ مسمومَهْ

ولعبيد وما تدخل في القصائد:

سقى الرَّبابَ مُجلجلُ الأ ... كنافِ لمَّاحٌ بروقُهْ

جونٌ تكفكفهُ الصَّبا ... وهناً وتَمريهِ خريقُهْ

مَريَ العسيفِ عشارهُ ... حتَّى إذا درَّتْ عروقُهْ

ودنا يُضيءُ ربابهُ ... غاباً يضرِّمهُ حريقُهْ

حتَّى إذا ما ذرعهُ ... بالماءِ ضاقَ فما يطيقُهْ

هبَّتْ لهُ منْ خلفهِ ... ريحٌ شآميَّةٌ تسوقُهْ

حلَّتْ عزاليهُ الجنو ... بُ فثجَّ واهيةً خروقُهْ

[أوس بن حجر]

وقال أوس بن حجر التميمي:

ودِّع لميسَ الصَّارمِ اللاَّحي ... إذ فنَّدتْ في فسادٍ بعدَ إصلاحِ

إذْ تستبيكَ بمصقولٍ عوارضهُ ... حسنِ اللِّثاثِ عذابٍ غيرِ مملاحِ

كأنَّ ريقتَها بعد الكرى اغتبقتْ ... من ماءِ أصهبَ في الحانوتِ نضَّاحِ

هبَّتْ تلومُ وليستْ ساعةَ اللاّحي ... هلاّ انتظرتِ بهذا اللَّومِ إصباحي

قاتلَها اللهُ تلْحاني وقد علمتْ ... أنِّي لنفسيَ إفسادي وإصلاحي

أنْ أشربِ الخمرَ أو أُرزأ لها ثمناً ... فلا محالةَ يوماً أنَّني صاحي

<<  <   >  >>