للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعطي المئينَ إلى المئينَ مرزَّأً ... حمَّالِ مفظعةٍ من الأثقالِ

وإذا الأمورُ تخوَّلتْ ألفيتَهم ... عصمَ الهوالكِ ساعةَ الزِّلزالِ

وهمُ الحماةُ إذا النّساءُ تحسَّرتْ ... يومَ الحفاظِ وكانَ يومَ نزالِ

يقصونَ ذا الأنفِ الحميِّ وفيهمُ ... حلمٌ وليسَ حرامهمْ بحلالِ

والمطعمونَ إذا السّنونَ تتابعتْ ... محلاً وضنَّ سحابها بسجالِ

وقال عنترة أيضاً:

يا عبلَ أينَ من المنيَّةِ مهربي ... إنْ كانُ ربِّي في السَّماءِ قضاها

وكتيبةٍ لبَّستها بكتيبةٍ ... شهباءَ باسلةٍ يُخافُ رداها

خرساءَ ظاهرةِ الأداةِ كأنَّها ... نارٌ يشبُّ سعيرها بلظاها

فيها الكماةُ بنو الكماةِ كأنَّهم ... والخيلُ تعثرُ في الوغى بقناها

شهبٌ بأيدي القابسينَ إذا بدتْ ... بأكفُّهم بهرَ الظلامَ سناها

من كلِّ أروعَ ماجدٍ ذي مرَّةٍ ... مرسٍ إذا لحقتْ خصًى بكلاها

وصحابةٍ شمِّ الأنوفِ بعثتهمْ ... ليلاً وقد مالَ الكرى بطلاها

فسريتُ في وقبِ الظَّلامِ أقودهمْ ... حتَّى رأيتُ الشَّمسَ زالَ ضحاها

فلقيتُ في قبلِ الهجرِ كتيبةً ... فطعنتُ أوَّلَ فارسٍ أولاها

وضربتُ قرني كبشِها فتجدَّلا ... وحملتُ مهري وسطها فمضاها

حتَّى رأيتُ الخيلَ بعدَ سوادِها ... كمتَ الجلودِ خضبنَ من جرحاها

يعثرنَ في علقِ النَّجيعِ جوافلاً ... ويطأنَ من حمسِ الوغى صرعاها

فرجعتُ محموداً برأسِ عظيمها ... وتركتُها جزراً لمنْ ناواها

ما سمتُ أُنثى نفسها في موطنٍ ... حتَّى أوفِّي مهرها مولاها

ولا رزأتُ أخا حفاظٍ سلعةٍ ... إلاّ لهُ عندي بها مثلاها

وأغضُّ طرفي إنْ بدتْ لي جارَتي ... حتَّى يواري جارتي مأواها

إنَّي امرؤٌ سمحُ الخليفةِ ماجدٌ ... لا أتبعُ النَّفسَ اللَّجوجَ هواها

ولئنْ سألتَ بذاكَ عبلةَ أخبرتْ ... أن لا أريدُ منَ النِّساءِ سواها

[الحارث بن حلزة]

وقال الحارث بن حلزة اليشكري:

آذنتنا ببينِها أسماءُ ... ربَّ ثاوٍ يملُّ منهُ الثَّواءُ

بعدَ عهدٍ لها ببرقةِ شمَّاءَ ... فأدنى ديارها الخلصاءُ

فالمحيَّاةُ فالصِّفاحُ فأعلى ... ذي فتاقٍ فعاذبٍ فالوفاءُ

فرياضُ القطا فأوديةُ الشُّر ... ببِ فالشُّعبتانِ فالأبلاءُ

لا أرى من عهدتُ فيها فأبكي ... اليومَ دلهاً وما يردُّ البكاءُ

وبعينيكَ أوقدتْ هندٌ النَّا ... رَ أخيراً تلوي بها العلياءُ

فتنوَّرتُ نارها من بعيدٍ ... بخزازٍ هيهاتَ منكَ الصّلاءُ

أوقدتْها بينَ العقيقِ فشخصينِ ... بعودٍ فما يلوحُ الضِّياءُ

غيرَ أنِّي قد أستعينُ على اله ... مِّ إذا خفَّ بالثَّويِّ النَّجاءُ

بزفوفٍ كأنَّها هقلةٌ أمُّ ... رئالٍ دويَّةٍ سقفاءُ

آنستْ نبأةً وأعجلها القنَّاصُ ... عصراً وقد دنا الإمساءُ

فترى خلفَها ومنَ الرَّجعِ والو ... قعِ منيناً كأنَّه أهباءُ

وطراقاً من خلفهنَّ طراقٌ ... ساقطاتٌ أودتْ بها الصَّحراءُ

أتلهَّى بها الهواجرَ إذ كلُّ ... ابنِ همٍّ بليَّةٌ عمياءُ

وأتانا منَ الحوادثِ والأنباءِ ... خطبٌ نعنى به ونُساءُ

أنَّ إخواننا الأراقمَ يغلونَ ... علينا في قولهمْ أحفاءُ

يخلطونَ البريءَ منَّا بذي الذَّ ... نب ولا ينقعُ الخليّ الخلاءُ

فاتركوا الطِّيخَ والضَّلالُ وإمَّا ... تتعاشوْا ففي التَّعاشي الدَّاءُ

واذكروا حلفَ ذي المجازي وما ... قدِّمَ فيه العهودُ والكفلاءُ

حذرَ الرَّيبِ والتَّعدي ولا ... ينقضُ ما في المهارقِ الأهواءُ

واعلموا أنَّنا وإيَّاكمُ فيها ... اشترطْنا يومَ اختلفنا سواءُ

أعلينا جناحُ كندةَ أن يغ ... نمَ غازيهمُ ومنَّا الجزاءُ

أمْ علينا جرى حنيفةَ أو ما ... جمعتْ منْ محاربٍ غبراءُ

عنناً باطلاً وظلماً كما ... قيلَ لطسمٍ أبوكمُ الأبَّاءُ

زعموا أنَّ كلَّ من ضربَ ... العيرَ موالٍ لنا وإنَّا الولاءُ

<<  <   >  >>