ما جزعنا تحتَ العجاجةِ إذ وَ ... لَّوا شلالاً وإذ تلظَّى الصِّلاءُ
وفككنا غلَّ امرئِ القيسِ عنهُ ... بعدما طالَ حبسهُ والعناءُ
وأقدناهُ ربَّ غسَّانَ بالم ... نذرِ كرهاً إذ لا تكالُ الدِّماءُ
وأتيناهمُ بتسعةِ أملاكٍ ... كرامٍ أسلابهمُ أغلاءُ
وولدنا عمرو بن أمِّ أناسٍ ... من قريبٍ لمَّا أتانا الحباءُ
مثلها يخرجُ النَّصيحةَ للقوْ ... مِ فلاةٌ من دونها أفلاءُ
فهوَ الرَّبُّ والشَّهيدُ على يوْ ... مِ الحياريْنِ والبلاءُ بلاءُ
وقال الحارث بن حلزة أيضاً وهي مفضلية:
لمنِ الدِّيارُ عفونَ بالحبسِ ... آياتها كمهارقِ الفرسِ
لا شيءَ فيها غيرُ أصورةٍ ... سفعِ الخدودِ يلحْنَ في الشَّمسِ
أو غيرَ آثارِ الجيادِ بأعْ ... راضِ الجمادِ وآيةِ الدَّعسِ
فحبستُ فيها الرَّكبَ أحدسُ في ... بعضِ الأمورِ وكنتُ ذا حدْسِ
حتَّى إذا التفعَ الظِّباءُ بأطْ ... رافِ الظِّلالِ وقلنَ في الكنسِ
ويئستُ مما قد شغفتُ بهِ ... منها ولا يسليكَ كاليأسِ
أنمي إلى حرفٍ مذكَّرةٍ ... تهصُ الحصى بمواقعٍ خنسِ
خذمٍ نقائلها يطرنَ كأق ... طاعِ الفراءِ بصحصحٍ شأسِ
أفلا تعدِّيها إلى ملكٍ ... شهمِ المقادةِ ماجدِ النَّفسِ
وإلى ابن ماريةَ الجوادِ وهلْ ... شروى أبي حسَّانَ في الإنسِ
يحبوكَ بالزَّغفِ الفيوضِ على ... هميانها والدُّهمُ كالغرسِ
وبالسَّبيكِ الصُّفرِ يضعفها ... وبالبغايا البيضِ واللُّعسِ
لا ترتجي للمالِ يهلكهُ ... سعدُ السُّعودِ إليهِ كالنَّحسِ
فلهُ هنالكَ لا عليهِ إذا ... دنعتْ أنوفُ القومِ للتَّعسِ
[عمرو بن كلثوم]
وقال عمرو بن كلثوم التغلبي، وليس في ديوانه سواها إلاّ قطيعتان من الشعر:
ألا هبِّي بصحنكِ فاصبحينا ... ولا تبقي خمورَ الأندرينا
مشعشعةً كأنَّ الحصَّ فيها ... إذا ما الماءُ خالطها سخينا
تجورُ بذي اللُّبانةِ عن هواهُ ... إذا ما ذاقها حتَّى يلينا
ترى الرَّجلَ الشَّحيحَ إذا أمرَّتْ ... عليهِ لمالهِ فيها مهينا
وإنَّا سوفَ تدركنا المنايا ... مقدَّرةً لنا ومقدَّرينا
قفي قبلَ التفرُّقِ يا ظعينا ... نخبِّركِ اليقينَ وتخبرينا
بيومِ كريهةٍ ضرباً وطعناً ... أقرَّ بهِ مواليكِ العيونا
قفي نسألكِ هلْ أحدثتِ صرماً ... لوشكِ البينِ أم خنتِ الأمينا
تريكَ إذا دخلتَ على خلاءٍ ... وقد أمنتْ عيونَ الكاشحينا
ذراعيْ عيطلٍ أدماءَ بكرٍ ... تربَّعتِ الأجارعَ والمتونا
وثدياً مثلَ حقِّ العاجِ رخصاً ... حصاناً من أكفِّ اللاَّمسينا
ومتنيْ لدنةٍ طالتْ ولانتْ ... روادفها تنوءُ بما يلينا
وراجعتُ الصِّبى واشتقتُ لمَّا ... رأيتُ جمالها أصلاً حدينا
وأعرضتِ اليمامةُ واشمخرَّتْ ... كأسيافٍ بأيدي مصلتينا
وإنَّ غداً وإنَّ اليومَ رهنٌ ... وبعدَ غدٍ بما لا تعلمينا
فما وجدتْ كوجدي أمُّ سقبٍ ... أضلَّتهُ فرجَّعتِ الحنينا
ولا شمطاءُ لم يتركْ شقاها ... لها من تسعةٍ إلاّ جَنينا
أبا هندٍ فلا تعجلْ علينا ... وأمهِلنا نخبِّركَ اليقينا
بأنَّا نوردُ الرَّاياتِ بيضاً ... ونصدرهنَّ حمراً قد روينا
وأيَّامٍ لنا ولهم طوالٍ ... عصيْنا الملكَ فيها أن نَدينا
وسيِّد معشرٍ قد توَّجوهُ ... بتاجِ الملكِ يَحمي المحْجرينا
تركْنا الخيلَ عاكفةً عليهِ ... مقلّدةً أعنَّتها صفونا
وقدْ هرَّتْ كلابُ الحيِّ منَّا ... وشذَّبْنا قتادةَ منْ يَلينا
متى ننقلْ إلى قومٍ رَحانا ... يكونوا في اللِّقاءِ لها طَحينا
يكونُ ثقالُها شرقيّ نجدٍ ... ولهوتُها قضاعةُ أجْمعينا
وإنَّ الضِّعنَ بعدَ الضِّعنِ يبدو ... ويظهرُ دابُنا داءً دَفينا
ورثْنا المجدَ قدْ علمتَ معدٌّ ... نُطاعنُ دونهُ حتَّى يَبينا
ونحنُ إذا عمادُ الحيِّ خرَّتْ ... على الأحفاضِ نمنعُ منْ يليْنا