أعاذلَ إنَّ الجودَ لا ينقصُ الغنى ... ولا يدفعُ الإمساكُ عن مالِ مكثرِ
ألمْ تسألي والعلمُ يشفي منَ العمى ... ذوي العلم عنْ أبناءِ قومي فتخبَري
سلامانَ إنَّ المجدَ فينا عمارةٌ ... على الخلقِ الذَّاكي الذي لم يكدَّرِ
بقيَّةُ مجدِ الأوَّلِ الأوَّلِ الذي ... بنى ميدعانُ ثمَّ لمْ يتغيَّرِ
أُولئكَ قومٌ يأمنُ الجارُ بينهمْ ... ويشفقُ مِن صولاتهمْ كلُّ مخفرِ
مرافيدُ للمولى محاشيدُ للقِرى ... على الجارِ والمستأنسِ المتنوِّرِ
إذا ظلُّ قومٍ كانَ ظلَّ غيابةٍ ... تذعذعهُ الأرواحُ من كلِّ مفجَرِ
فإنَّ لنا ظلاًّ تكاثفتْ وانطوتْ ... عليهِ أراعيلُ العديدِ المجمهَرِ
لنا سادةٌ لا ينقضُ النَّاسُ قولهمْ ... ورجراجةٌ ذيّالةٌ في السّنورِ
تُجنُّهمُ منْ نسجِ داوودَ في الوغى ... سرابيلُ حيصتْ بالقتيرِ المسمَّرِ
وطئنا هلالاً يومَ ذاجِ بقوَّةٍ ... وصفناهمُ كرهاً بأيدٍ مؤزَّرِ
ويوماً بتبلالٍ طممْنا عليهمِ ... بظلماءِ بأسٍ ليلُها غيرُ مسفرِ
وأفناءُ قيسٍ قد أبدْنا سراتهمْ ... وعبساً سقيْنا بالأُجاجِ المعوَّرِ
وأصرامُ فهمٍ قد قتلْنا فلمْ ندعْ ... سوى نسوةٍ مثلِ البليَّاتِ حسَّرِ
ونحنُ قتلْنا في ثقيفٍ وجوَّستْ ... فوارسُنا نصراً على كلِّ محضَرِ
ونحنُ صبرْنا غارةً مفرجيَّةً ... فُقيماً فما أبقتْ لهمْ مِن مخبِّرِ
ودسناهمُ بالخيلِ والبيضِ والقنا ... وضربٍ يفضُّ الهامَ في كلِّ مغفَرِ
ورُجنا بيضٍ كالظِّباءِ وجاملٍ ... طولِ الهوادي كالسَّفينِ المقيَّرِ
ونحنُ صبحْنا غيرَ غدرٍ بذمَّةٍ ... سليمَ بنَ منصورٍ بصلعاءَ مذكرِ
قتلناهمُ ثمَّ اصطبحْنا ديارهمْ ... بخُمرةَ في جمعٍ كثيفٍ مخمَّرِ
تركنا عوافي الرُّخمِ تنشرُ منهمُ ... عفاريَ صرعَى في الوشيجِ المكسَّرِ
وبالغورِ نُطنا مِن عليٍّ عصابةً ... ورُحنا بذاكَ القيروانِ المقطَّرِ
وخثعمَ في أيَّامِ ناسٍ كثيرةٍ ... همطناهمُ همطَ العزيزِ المؤمَّرِ
سبينا نساءً مِن جليحةَ أُسلمتْ ... ومنْ راهبٍ فوضى لدى كلِّ عسكَرِ
ونحنُ قتلنا بالنَّواصفِ شنفرى ... حديدَ السِّلاحِ مقبلاً غيرَ مدبرِ
ومنْ سائرِ الحيَّينِ سعدٍ وعامرٍ ... أبحْنا حِمى جبّارها المتكبِّرِ
منعنا سراةَ الأرضِ بالخيلِ والقنا ... وأيأس منَّا بأسُنا كلَّ معشَرِ
إذا ما نزلنا بلدةً دوِّختْ لنا ... فكُنَّا على أربابها بالمخيَّرِ
بنو مفرجٍ أهلُ المكارمِ والعُلى ... وأهلُ القبابِ والسَّوامِ المعكَّرِ
فمنْ للمعالي بعدَ عثمانَ والنَّدى ... وفصلِ الخطابِ والجوابِ الميسَّرِ
وحملِ الملمَّاتِ العظامِ ونقضِها ... وإمرارها والرَّأيِ فيها المصدَّرِ
كأنَّ الوفودَ المبتغينَ حباءهمْ ... على فيضِ مدّادٍ منَ البحرِ أخضَرِ
فكمْ فيهمِ منْ مستبيحٍ حِمى العدى ... سبوقٍ إلى الغاياتِ غيرِ عذوَّرِ
وهوبٍ لطوعاتِ الأزمَّةِ في البُرى ... وللأُفقِ النَّهدِ الأسيلِ المعذِّرِ
نمتهُ بنو الأربابِ في الفرعِ والذُّرى ... ومنْ ميدعانَ في ذبابٍ وجوهَرِ
لبابُ لبابٍ في أرومٍ تمكَّنتْ ... كريمَ غداةِ الميسرِ المتحضَّرِ
فأكرمْ بمولودٍ وأكرمْ بوالدٍ ... وبالعمِّ والأخوالِ والمتهصَّرِ
ملوكٌ وأربابٌ وفرسانُ غارةٍ ... يحوزونها بالطَّعنِ في كلِّ محجَرِ
إذا نالهمْ حمشٌ فإنَّ دواءهُ ... دمٌ زلَّ عنْ فودَي كميٍّ معقَّرِ
مُدانيهمِ يُعطي الدَّنيَّةَ راغماً ... وإنْ داينوا باؤوا برَيمٍ موفَّرِ
[حاجز بن عوف]
وقال حاجز بن عوف بن الحارث بن الأخثم بن عبد الله بن ذهل بن مالك بن سلامان بن مفرج:
سألتُ فلمْ تكلِّمني الرُّسومُ ... فظلتُ كأنَّني فيها سقيمُ
بقارعةِ الغريفِ فذاتِ مشيٍ ... إلى العصداءِ ليسَ بها مقيمُ
منازلُ عذبةِ الأنيابِ خودٍ ... فما إنْ مثلُها في النَّاسِ نيمُ