وقال معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب، وهو معوّد الحكماء وهي مفضلية، قرأتها على ابن الخشّاب:
أجدَّ القلبُ منْ سلمَى اجتِنابا ... وأقصَرَ بعدَ ما شابتْ وشابا
وشابَ لداتُهُ وعدَلْنَ عنهُ ... كما أنضَيتَ من لبسٍ ثيابا
فإن تكُ نبلُها طاشَتْ ونبلِيْ ... فقدْ نَرَمي بها حقَباً صِيابا
فتصطادُ الرِّجالَ إذا رمتُهمْ ... وأصطادُ المخبّأةَ الكعابا
فإنَّ تكُ لا تصيدُ اليومَ شيئاً ... وآبَ قنيصُها سلْماً وخابا
فإنَّ لها منازلَ خاوياتٍ ... على نملَي وقفْتُ بها الرِّكابا
من الأجزاعِ أسفلَ من نميْلٍ ... كما رجّعتَ بالقلمِ الكتابا
كتابَ محبِّرٍ هاجٍ بصيرٍ ... ينمِّقُهُ وحاذَرَ أنْ يعابا
وقفتُ بها القَلوصَ فلم تجبني ... ولو أمسَى بها حيٌّ أجابا
وناجيةٍ بعثْتُ على سبيلٍ ... كأنَّ على مغابنها ملابا
ذكرتُ بها الإيابَ ومنْ يسافِرْ ... كما سافرتُ يدَّكرِ الإيابا
رأيتُ الصّدعَ من كعبٍ فأودَى ... وكانَ الصَّدعُ لا يعِدُ ارتئابا
فأمسى كعبُها كعْباً وكانتْ ... منَ الشَّنأنِ قد دعيتْ كعابا
حملتُ حمالةَ القُرَشيِّ عنْهمُ ... ولا ظُلماً أردتُ ولا اختِلابا
أعوِّدُ مثلَها الحكماءَ بعدِي ... إذا ما نائبُ الحَدَثانِ نابا
سبقتُ بها قدامةَ أو سُميراً ... ولو دعيا إلى مثْلٍ أجابا
وأكفِيها معاشِرَ قد أرتْهُمْ ... منَ الجَرباءِ فوقَهُمُ طِبابا
يهرُّ معاشِراً منِّي ومنهُمُ ... هريرَ النَّاب حاذرَتِ الِعصابا
سأحمِلُها ويعقلُها غنِيٌّ ... وأورِثُ مجدَها أبَداً كلابا
فإنْ أحْصُرْ بها نفسِي فإنّي ... أتيتُ بها غداتئذٍ صوابا
وكنتُ إذا العظيمَةُ أفظعتْهُمْ ... نهضْتُ ولا أدبُّ لها دِبابا
بحمدِ اللهِ ثمَّ عطاءِ قومٍ ... يفكّونَ الغنائِمَ الرِّقابا
إذا نزلَ السَّحابُ بأرضِ قومٍ ... رعيناهُ وإن كانوا غضابا
بكلِّ مقلِّصٍ عبْلٍ شواهُ ... إذا وضعتْ أعنَّتُهُنَّ ثابا
ودافعةِ الحزامِ بمرفقيْها ... كشاةِ الرَّملِ آنستِ الرِّكابا
[جابر بن حني]
وقال جابر بن حنيٍّ التّغلبي، وهي مفضلية، وقرأتها على شيخي ابن الخشاب:
ألا يا لقومٍ للجديدِ المصَرَّمِ ... وللحلمِ بعدَ الزّلّة المتوهَّمِ
وللمرءِ يعتادُ الصَّبابةَ بعدما ... أتى دُونَها ما فرْطُ حولٍ مجرَّمِ
فيا دارَ سلمَى بالصَّرِيمةِ فاللّوَى ... إلى مدفعِ القيْقياءِ فالمتثلَّمِ
ظللتُ على عرفانِها ضيْفَ قفزةٍ ... لأقضِيَ منها حاجةَ المتلوِّمِ
أقامتْ بها بالصَّيْفِ ثمَّ تذكَّرتْ ... مصائرَها بينَ الجواءِ فعيهَمِ
تعوِّجُ رهباً في الزِّمامِ وتنثنِي ... إلى مُهذباتٍ في وشيجٍ مقوَّمِ
أنافتْ وزافَتْ في الزِّمامِ كأنَّها ... إلى غرْضِها أجْلادُ هرٍّ مؤوَّمِ
إذا زالَ رعنٌ عن يدَيْها ونحرِها ... بدا رأسُ رعنٍ واردٍ متقدِّمِ
وصدَّتْ عنِ الماءِ الرَّواء لجوفِها ... دويٌّ كدُفِّ القينةِ المُترنمٌ
تصعَّدُ في بطحاءِ عرقٍ كأنَّما ... ترقَّى إلى أعلى أريكٍ بسلَّم
لِتعلبَ أبكي إذْ أثارتْ رماحُها ... غوائلَ شرٍّ بينَها متثلِّمِ
وكانوا همُ البانينَ قبلَ اختلافهمْ ... ومنْ لا يشِدْ بنيانَهُ يتهدَّمِ
بحيٍّ ككوثلِّ السَّفينةِ أمرهُمْ ... إلى سلفٍ عادٍ إذا احتلَّ مرزمِ
أنفتُ لهمْ من عقْلِ قيْسٍ ومرثدٍ ... إذا وردُوا ماءً ورمحِ ابن مرثَمِ
ويوماً لدَى الحشّار من يلْوِ حقَّهُ ... يبزبزْ وينزعْ ثوبهُ ويظَلَّمِ
وفي كلِّ أسواقِ الحجازِ إتاوةٌ ... وفي كلِّ ما باع امرؤٌ مكْس درهمِ
ألا تستَحِي منّا ملوكٌ وتتَّقي ... محارمَنا لا يَبُؤ الدَّمُ بالدَّمِ
نعاطِي الملوكَ السَّلمَ ما قصدوا بنا ... وليسَ علينا قتْلُهُمْ بمُحّرَّمِ
وكائنْ أزَرْنا الموتَ من ذي تحيَّةٍ ... إذا ما ازْدَرانا أو آسفَّ لمأثَمِ