للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى حاذٍ ألفَّ ترى صلاهُ ... وفَقْرَتَهُ كمَضْبورِ الرِّتاجِ

يمُدُّ جَديلَهُ المثني حتى ... يصيرَ مُورَّداً بعدَ انضِراجِ

وجَوزٌ جَهْضَمٌ جنحَتْ إليهِ ... زوافرُ فاعتدلْنَ على انتفاجِ

وقال مزاحم أيضاً:

يا للرجالِ لهَمٍّ باتَ يسلبُني ... لُبِّي ويَحلُبُ عيني دِرّةً هَمَلا

ألمْ ترَ الشيبَ في رأسي فيُعقِبُني ... من منزلٍ كنتُ من رَوعاتِهِ وَجِلا

من دِمْنَةٍ قدْ أحالَتْ بعدَ ساكنِها ... حولَيْنِ واستبدلَتْ من أهلِها بدلا

رُبْدَ النِّعامِ وآراماً تَريعُ بها ... مثلَ الهجائنِ في أوطانِها همَلا

إنَّ الديارِ التي حِيلتْ بذي سلَمٍ ... هاجَتْ عليكَ رَجيعَ الشوقِ مُختَبِلا

وما يهيجُكَ من سُفْعٍ برابيةٍ ... ودارسٍ مثلِ مُلقى الطَّوقِ قد نحلا

حكَّتْ به نَبْرَجٌ هوجاءُ كَلْكَلَها ... حتى تغيَّرَ واستنَّتْ به بلَلا

تهدي له من ترابِ الأرضِ مُعتَصِباً ... طوعَ السِّياقِ إذا حنَّتْ له جفَلا

قد قلتُ يومَ اللِّوى منْ بطنِ ذي عُشَرٍ ... لصاحبيَّ وقدْ أسمعتُ لو فعلا

لأريحيَّيْنِ كالسيفَيْنِ قد مرَدا ... على العواذلِ حتى شيَّبا العذلا

عُوجا عليَّ صدورَ العيسِ ويْحَكُما ... حتى نُحيِّ من كلثومةَ الطَّللا

فعوَّجا ضَمْعجاً في سيرِها دفَقٌ ... ومِرْجَماً كشَسِيبِ النبعِ مُبتَذلا

نِضوَيْنِ قد طالَ ما عنَّاهُما طرَبي ... أيامَ أتَّبِعُ الأهواءَ والغزلا

وعُجْتُ عارفةً للحبسِ ناجيةً ... تحتَ القتودِ تَبُذُّ الأيْنُقَ الرِّحَلا

حرفاً ترى في ذراعَيها إذا سنحَتْ ... والمِرفقَيْنِ إذا استعرضتها فتلا

طالَتْ مذارِعُها واشتدَّ مَحْزِمُها ... وموضعُ الرَّحلِ منها تَمَّ واعتدلا

تُلوي بأصهبَ ذَيّالٍ إذا ضمرَتْ ... يوماً وقلَّصَ حادي القومِ واعتدلا

وفي الخِشاشةِ منها طامحٌ أنِفٌ ... ونابُها فاطرٌ لمْ يعْدُ أن بَقَلا

ثَبْجاءُ مائرةُ الضَّبعَيْنِ تحسِبُها ... منَ الخلاءِ إذا ما أونِسَتْ جملا

أتِيكَ أمْ ناهزٌ في السيرِ مُضْطَلِعٌ ... مشيَ الرِّكابِ إذا استجهلَتهُ جَهِلا

بمثلِهِ تُطلبُ الحاجاتُ إنْ شحطَتْ ... دارٌ بهِ أو أُسَلِّي الهمَّ إنْ نزلا

أبو حَيَّة النميري

قال أبو حية، واسمه الهيثم بن الربيع بن زُرارة بم كبير بن جناب بن كعب بن مالك بن عامر بن نُمير بن عامر بن صعصعة، وكان مجنوناً يُصرع:

لعلَّ الهوى إنْ أنتَ حيَّيْتَ منزِلاً ... بأكبادَ مُرتدٌّ عليكَ عقابِلُهْ

محتْهُ الرياحُ الهُوجُ يَحْننَّ بالحصى ... ونَوءُ الثريّا الجَودُ منهُ ووابلُهْ

عفا غيرَ أُخدودَيْنِ جَرَّ عليهِما ... جدى كلِّ دَلْوِيٍّ تُجَنُّ أصائلُهْ

فلمّا سألتُ الرَّبْعَ أينَ تيمَّمَتْ ... نوى الحيّ لم ينطقْ وضُلِّلَ سائلُهْ

وكنتُ إذا خُبِّرْتُ أنَّ مُكَلَّفاً ... بكى أو تَعنّاهُ عِدادٌ يُماطلُهْ

منَ الحُبِّ زَرَّفتُ المُحبَّ فقد بكا ... فؤادي حتى أسلمتْهُ عواذلُهْ

كأنَّ فؤادي طائرٌ في حِبالةٍ ... رأى غيَّهُ لمّا اعْتفَتْهُ حبائلُهْ

عشيّةَ رَدَّ الحيُّ بُزْلاً يَزِينُها ... تمامٌ ونَيٌّ طارَ عنهُ خمائلُهْ

عقائلُ ما منهنَّ إلاّ عَدَبَّسٌ ... ذرى شوكُهُ أو فاطرُ النابِ باقلُهْ

ومرْتٍ إذا أمسى بهِ القومُ أعظمَتْ ... مَخاقَتَهمْ أهوالُهُ وغوائلُهْ

تأوّلتُ آياتٍ بهِ ورمَيْنَهُ ... بمِردى سِفارٍ ابنُ عامَيْنِ بازلُهْ

بأتلعَ فَعْمِ المنكبَيْنِ تقابلَتْ ... عليهِ المهارى أروعُ القلبِ جاهلُهْ

إذا قلتُ جاهٍ لَجَّ حتى يرُدَّهُ ... مِراسٌ ومكِيٌّ تأوَّبَ جادِلُهْ

كأنّي ورَحلي فوقَ جأبٍ خلا لهُ ... وإلفَيْهِ جَنْبا صارةٍ فجُلاجِلُهْ

رِباعٍ نفى عنها وعنهُ جِحاشَها ... فما هنَّ إلاّ مُلْمِعاتٍ قَتائلُهْ

شهورَ الندى حتى إذا هاجَ ناصلٌ ... عليهِ ورامَتْهُ بصُرْمِ حَلائلُهْ

<<  <   >  >>