للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غدا في ثلاثٍ مُرْبِعاً لاحقَ الحشا ... إذا هو أمسى راجعَتْهُ أفاكِلُهْ

فظلَّ بآرامَ النُّوَيْرِ كأنّهُ ... رَبِيئةُ قومٍ خائفُ القلبِ واجلُهْ

فلمّا رأيْنَ الليلَ جِنْحاً وقدْ بدا ... لها ولهُ الأمرُ الذي هو فاعلُهْ

تيمَّمَ عَيناً من أُثالَ رَوِيّةً ... عليها أخو بِيدٍ شديدٍ خصائلُهْ

يُعَشِّرُ في تَقريبِهِ وإذا انتحى ... عليهنَّ من قُفٍّ أرنَتْ جَنادلُهْ

وأوقدْنَ نيرانَ الحُباحِبِ والتقى ... حصىً يتراقى بينهنَّ ولاوِلُهْ

إذا قلنَ كلاّ قالَ والنَّقْعُ ساطعٌ ... بلى وهْوَ واهٍ بالجِراءِ أباجلُهْ

وإنْ أسهلَ اسْتَتْلَيْنَ نَقعاً كأنّهُ ... شَماطيطُ كتّانٍ تطيرُ رَعابلُهْ

فأوردَها والليلُ نَصفانُ بعدَما ... علاها حميمٌ ما رعَتْهُ شُلاشِلُهْ

يرَيْنَ نجومَ الليلِ فيها كأنّها ... مصابيحُ مِحرابٍ تُذَكّى قنادلُهْ

وفي الجانبِ الأدنى الذي ليس ضربةً ... برمحٍ بلى حَرّانُ زُرقٌ مَعابلُهْ

مُطِلٌّ بمَنحاةٍ لهُ في شِمالِهِ ... رَنينٌ إذا ما حرَّكتْها أناملُهْ

فَصَوَّبْنَ أعناناً وأدنَيْنَ أذرُعاً ... إليهنَّ والجَرْع انتهازاً تُداخلُهْ

رمى العَيرُ أذْناهُ على الفُقْرةِ التي ... تَليهِ وأدنى النَّجْبِ منهُ مَقاتلُهْ

فمَرَّ تُحَيْتَ المَرفقَيْنِ وصدَّهُ ... عنِ الجَوفِ إنْ لمْ يلقَ حتفاً يُعاجلُهْ

فيا لكَ إخطاءً ويا لكَ جَولةً ... ويا لكَ شدّاً يَعْبِطُ الأكْمَ وابِلُهْ

كما انقضَّ دَرِيٌّ على مُتَعَفْرِتٍ ... رجيمٍ تَدرَّى وحيَ سمعٍ يُخائلُهْ

أذلكَ أمْ ذَبُّ الرِّيادِ خلا لهُ ... لوىً وكثيبٌ مُزْبَئِرٌّ خمائلُهْ

رعى الخَطراتِ الحُوَّ فرْداً كأنّهُ ... حسامٌ جلا أطباعَ مَتْنَيْهِ صاقِلُهْ

طَباهُ عنِ الأُلاّفِ أيامُ سَلوةٍ ... يُناطحُ فيها ظِلَّهُ ويُخائِلُهْ

إذا رَيْدَةٌ من حيثُ ما نفحَتْ لهُ ... أتاهُ برَيّاها خليلٌ يُواصلُهْ

غدا والندى يَنصبُّ عنهُ كأنّهُ ... فريدُ العذارى ضيَّعَ السِّلْكَ ناصِلُهْ

وقال أبو حية أيضاً يذكر النِّشّاش، وهو ماء أكثره لنُمير ومن معهم من أفناء قيس:

ألا حيِّ من أجلِ الحبيبِ المَغانيا ... لبِسنَ البلى مما لبسْنَ اللياليا

وبُدِّلنَ أُدْماناً وبدِّلْنَ باقراً ... كبِيضِ الثيابِ المَرْوَزِيّةِ جازِيا

كأنَّ بها البَردَيْنِ أبلاقَ شِيمةٍ ... بُنِينَ إذا أشرفْنَ تلكَ الروابيا

نظائرُ أُلاّفٌ تَشِيعُ وتلتقي ... كما لاقتِ الزُّهْرُ العذارى العَذاريا

كما خَرَّ في أيدي التلاميذ بينَهمْ ... حصى جوهرٍ لاقَيْنَ بالأمسِ جالِيا

خبأنَ بها الغُنَّ الغِضاضَ فأصبحَتْ ... لهنَّ مَراداً والسِّخالَ مَخابيا

وما بدَلٌ من ساكنِ الدارِ أن ترى ... بأرجائِها القصوى النعاجَ الجوازيا

تحمَّلَ منها الحيُّ وانصرفَتْ بهمْ ... نوىً لم يكنْ منْ قادَها لكَ آوِيا

فإنْ أكُ ودّعتُ الشبابَ فلمْ أكنْ ... على عهدِ إذْ ذاكَ الأخلاء زاريا

حَناكَ الليالي بعدَ ما كنتَ مرّةً ... سَوِيَّ العصا لو كنَّ يُبقينَ باقيا

إذا ما تقاضى المرءَ يومٌ وليلةٌ ... تقاضاهُ شيءٌ لا يمَلُّ التَّقاضيا

وإنّي لَمِمّا أنْ أُجَشِّمَ صُحبَتي ... ونفسيَ والعيسَ الهمومَ الأقاصيا

وإني لَينْهاني عنِ الجهلِ إنّني ... أرى واضحاً منْ لِمَّتي كانَ داجيا

وطُولِ تَجاريبِ الأمورِ ولا أرى ... لذي نُهيَةٍ مثلَ التَّجاريبِ ناهيا

وهَمٍّ طرى من بعدِ ليلٍ ولا ترى ... لهَمٍّ طَرا مثلَ الصَّريمةِ قاضيا

وجَدّاءَ مِجْرازٍ تَخالُ سرابَها ... إذا اطَّردَ البيدُ السِّباعُ العواديا

عميقةِ بينَ المنهلَيْنِ دليلُنا ... بها أن نؤمَّ الفرقدَ المُتصابيا

إذا الليلُ غشّاها كسوراً عريضةً ... تغنَّتْ بها جِنُّ الخلاءِ الأغانيا

قطعتُ إلى مجهولِ أخرى أنيسَها ... بخُوصٍ يُقلِّبْنَ النِّطافِ الهَواميا

<<  <   >  >>