للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصبو وأنَّى لكَ التَّصابي ... أنَّى وقدْ راعكَ المشيبُ

إنْ يكُ حُوِّلَ منها أهلُها ... فلا بديءٌ ولا عجيبُ

أو يكُ أقفرَ منها أهلُها ... وعادَها المحلُ والجدوبُ

فكلُّ ذي نعمةٍ مخلوسُها ... وكلُّ ذي أملٍ مكذوبُ

وكلُّ ذي إبلٍ موروثُها ... وكلُّ ذي سلبٍ مسلوبُ

وكلُّ ذي غيبةٍ يؤوبُ ... وغائبُ الموتِ لا يؤوبُ

أعاقرُ كذاتِ رحمٍ ... أو غانمٌ كمنْ يخيبُ

أفلحْ بما شئتَ فقدْ يُدرَ ... كُ بالضَّعفِ وقد يُخدعُ الأريبُ

لا يعظُ النَّاسُ منْ لا يعظُ ال ... دَّهرَ ولا ينفعُ التَّلبيبُ

لا ينفعُ اللُّبُّ عن تعلُّمِ ... إلاّ السَّجيَّاتُ والقلوبُ

ساعدْ بأرضٍ إذا كنتَ بِ ... ها ولا تقلْ إنَّني غريبُ

منْ يسألِ النَّاسَ يحرموهُ ... وسائلُ اللهَ لا يخيبُ

قد يوصلُ النَّازحُ النَّائي ... ويُقطعُ ذو السُّهمةِ القريبُ

بلْ إنْ تكنْ قد علَتني كبر ... ةٌ والشَّيبُ لمنْ يشيبُ

والمرءُ ما عاشَ في تكذيبٍ ... طولُ الحياةِ لهُ تعذيبُ

بلْ ربَّ ماءٍ وردتهُ آجنٍ ... سبيلهُ خائفٌ جديبُ

ريشُ الحمامِ على أرجائهِ ... للقلبِ من خوفهِ وجيبُ

قطعتهُ غدوةً مُشيحاً ... وصاحبي بادنٌ خبوبُ

عيرانةٌ أُجدٌ فقارُها ... كأنَّ حاركَها كثيبُ

أخلفَ ما بازلاً سديسُها ... لاحقَّةٌ هي ولا نيوبُ

كأنَّها منْ حميرِ غابٍ ... جونٍ بصفحتهِ ندوبُ

أو شببٌ يحتفرُ الرُّخامى ... تلفُّهُ شمألٌ هبوبُ

فذاكَ عصرٌ وقد أراني ... تحملُني نهدةٌ سُرحوبُ

مضبَّرٌ خلقُها تضبيراً ... ينشقُّ عنْ وجهِها السَّبيبُ

زيتيَّةٌ ناقمٌ أبجلُها ... وليِّنٌ أسرُها رطيبُ

كأنَّها لقوةٌ طلوبٌ ... تخرُّ في وكرِها القلوبُ

باتتْ على إرمٍ رابي ... ةً كأنَّها شيخةٌ رقوبُ

فأصبحتْ في غداةٍ قرَّةٍ ... يسقطُ عنْ ريشِها الضَّريبُ

فأبصرتْ ثعلباً منْ ساعَ ... ةٍ دونَها سبسبٌ جديبُ

فنفضتْ ريشَها وانتفضَ ... تْ وهي منْ نهضةٍ قريبُ

فاشْتالَ وارتاعَ منْ حسيسَ ... ها وفعلهُ يفعلُ المذؤوبُ

يدبُّ من رؤيتِها دبيباً ... كأنَّ حملاقَها مقلوبُ

فأدركتْهُ فطرحتْهُ وال ... صَّيدُ منْ تحتِها مكروبُ

فرنَّحتهُ ووضعتهُ فك ... دَّحتْ وجههُ الحبوبُ

يضغو ومخلبُها في دفِّهِ ... لا بدَّ حيزومهُ مثقوبُ

وقال عبيد أيضاً:

أمنْ دمنةٍ بجوَّةِ سرغدِ ... تلوحُ كعنوانِ الكتابِ المجدَّدِ

لسعدةَ إذ كانتْ تُثيبُ بودِّها ... وإذْ هيَ لا تلقاكَ إلاّ بأسعدِ

وإذْ هي حوراءُ المدامعِ طفلةٌ ... كمثلِ مهاةٍ حرَّةٍ أمِّ فرقدِ

تُراعي به نبتَ الخمائلِ بالضُّحى ... وتأوي بهِ إلى أراكٍ وغرقدِ

وتجعلهُ في سربِها نصبَ عينِها ... وتثني عليهِ الجيد في كلِّ مرقدِ

فقدْ أورثتْ في القلبِ سقماً يعودهُ ... عياداً كسمِّ الحيَّةِ المتردِّدِ

غداةَ بدتْ منْ سترِها وكأنَّما ... يحفُّ ثناياها بحالكِ إثمدِ

وتبسمُ عن عذبِ اللّثاثِ كأنَّهُ ... أقاحي الرُّبى أضحى وظاهرهُ ندي

فإنِّي إلى سُعدى وإنْ طالَ نأيُها ... إلى نيلِها ما عشتُ كالحائمِ الصَّدي

إذا كنتَ لا تعبأ برأيٍ ولا تطعْ ... إلى اللُّبِّ أو تُرعي إلى قولِ مرشدِ

فلا تتَّقي ذمَّ العشيرةِ كلِّها ... وتدفعُ عنها باللِّسانِ وباليدِ

وتصفحُ عن ذي جهلِها وتحوطُها ... وتقمعُ عنها نخوةَ المتهدِّدِ

وتنزلُ منها بالمكانِ الذي بهِ ... يُرى الفضلُ في الدُّنيا على المتحمِّدِ

فلستَ وإنْ علَّلتَ نفسكَ بالمنى ... بذي سؤددٍ بادٍ ولا كربِ سيِّدِ

لعمركَ ما يخشى الجليسُ تفحُّشي ... عليهِ ولا أنأى على المتودِّدِ

ولا أبتغي ودَّ امرئٍ قلَّ خيرهُ ... وما أنا عنْ وصلِ الصَّديقِ بأصيدِ

وإنِّي لأُطفي الحربَ بعدَ شبوبِها ... وقد أُوقدتْ للغيِّ في كلِّ موقدِ

<<  <   >  >>