للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصاريمَ حلّتْ منهمُ سفْحَ راهطٍ ... فأكنافَ تبنى مرجها فتلالَها

كأنَّ القيانَ الغرَّ وسطَ بيوتِهمْ ... نعاجٌ بجوٍّ منْ رماحَ خلا لَها

لهمْ أندياتٌ بالعشِيِّ وبالضُّحَى ... بهاليلُ يرجُو الرّاغبونَ نوالَها

كأنّهمُ قصراً مصابيحُ راهبٍ ... بموزنَ روّى بالسّليط ذبالها

يجوسُونَ عرضَ العبقريَّةِ نحوَها ... تمسُّ الحواشِي أو تلمَّ نعالَها

همُ أهلِ ألواحِ السَّرير ويمنَةٌ ... قرابينُ أردافاً لها وشمالها

يحيّون بهلولاً به ردَّ ربَّهُ ... إلى عبد شمسٍ عزَّها وجمالَها

مسائحُ فوديْ رأسهِ مسبغلّةٌ ... جرَى مسكُ دارينَ الأحمُّ خلالها

أحاطتْ يداهُ بالخلافةِ بعدَما ... أرادَ رجالٌ آخرونَ اغتيالَها

فما تركُوها عنوةً عنْ مودَّةٍ ... ولكنْ بحدِّ المشرفيّ استقالَها

هو المرءُ يجزي بالمودَّة أهلها ... ويحذُو بنعلِ المستثيبِ قبالَها

بلوهُ فأعطوهُ المقادةَ بعدَما ... أدبَّ البلادَ سهلَها وجبالها

مقانبَ خيلٍ لا تزالُ مطلَّةً ... عليهمْ فملُّوا كلَّ يومٍ قتالَها

دوافعَ بالرَّوحاءِ طوراً وتارَةً ... مخارمَ رضْوى مرجَها فرمالَها

يقيِّلنَ بالبزواءِ والجيشُ واقفٌ ... مزادَ الرَّوايا يصطببنَ فضالَها

وقدْ قابلتْ منها ثرىً مستثيلةً ... مباضعَ في وجهِ الضُّحَى فثعالَها

يعاندنَ في الأرسانِ أجوازَ برزةٍ ... عتاقَ المطايا مسنفاتٍ حبالَها

فغادرنَ عسبِ الوالقيّ وناصحٍ ... تخصُّ به أمُّ الطَّريق عيالها

على كلِّ خنذيذِ الضُّحى متمطّرٍ ... وخيفانةٍ قدْ هذَّبَ الجرْيُ آلَها

وخيلٍ بعاناتٍ فسنِّ سميرةٍ ... لهُ لا يردُّ الذّائدونَ نهالَها

إذا قيلَ خيلُ الله يوماً ألا اركبي ... رضيتُ بكفِّ الأردنيّ انسحالَها

إذا عرضتْ شهباءُ خطّارةُ القنا ... تريكَ السّيوفَ هزَّها واستلالَها

رميتَ بأبناءِ الفقيميّةِ الوغَى ... يؤمّونَ مشيَ المشبلاتِ ظلالها

كأنَّهمُ آسادُ حليةَ أصبحتْ ... خوادرَ تحمِي الخلَّ ممّنْ دنا لَها

إذا أخذوا أدراعَهًم فتسربَلُوا ... مقلّصَ مسرودَاتِها ومذالَها

رأيتَ المنايا شارعاتٍ فلا تكنْ ... لها سنناً نصباً وخلِّ مجالَها

وحربٍ إذا الأعداءُ أنشتْ حياضَها ... وقلّبَ أمراسُ السّوانِي محالَها

وردتَ على فرّاطِهمْ فدهمتهُمْ ... بأخطارِ مَوتٍ يلتهِمنَ سجالَها

وقاريةٍ أحواضَ مجدِكَ دونَها ... ذياداً يبيلُ الحاضِناتِ سِخالَها

وشهباءَ تردي السّلوقيّ فوقَها ... سَنا بارِقاتٍ تكرَهُ العينُ خالَها

قصدتَ لها حتَّى إذا ما لقيتَها ... ضربْتَ ببُصرِيّ الصّفيحِ قذالَها

وكنتَ إذا نابتْكَ يوماً ملمَّةٌ ... نبلْتَ لها أبا الوليدِ نِبالَها

سموتَ فأدركتَ العلاءَ وإنّما ... يلقّى عليّاتِ العلا من سَما لَها

وصلْتَ فنالتْ كفُّكَ المجدَ كلّهُ ... ولمْ تبلُغِ الأيدي السَّوامي مصالَها

على ابن أبي العاصي دلاصٌ حصينةٌ ... أجادَ المسدّي سردَها وأذالَها

يؤودُ ضعيفَ القومِ حملُ قتيرها ... ويستضلعُ الطّرفَ الأشمَّ انشلالَها

وسوداءَ مطراقٍ إلى آمن الصّفا ... أبيٍّ إذا الحاوي دنا فصدَا لَها

كففتَ يداً عنْها وأرضيتَ سمعَها ... من القولِ حتّى صدّقتهُ وعالَها

وأشعرتَها نفْثاً بليغاً فلو ترَى ... وقد جعلَتْ أنْ ترعِيَ النَّفسَ بالَها

تسلَّلتُها من حيثُ أدركَها الرُّقى ... إلى الكفِّ لمَّا سالمَتْ وانسلالَها

وإنّي امرؤٌ قد كنتُ أحسنتُ مرّةً ... وللمرءِ آلاءٌ عليَّ استطالَها

فأقسمُ ما منْ خلّةٍ قدْ خبرتُها ... من النّاس إلاّ قدْ فضلتَ خلالَها

وما ظنّةٌ في جنبكَ اليومَ منهمُ ... أزنُّ بها إلا اضطلَعتَ احتمالَها

وكانوا ذوي نعمَى فقدْ حالَ دونَها ... ذوُو أنعُمٍ فيها مضى فاستحالَها

فلا تكفرُوا مروانَ آلاءَ فعلهِ ... بني عبدَ شمسٍ واشكرُوهُ فعالَها

<<  <   >  >>