للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجاجةُ نحلٍ في أباريقَ صفِّقَتْ ... بصفوِ الغوادِي شعشعتهُ المجادحُ

تروقُ عيونَ اللائي لا يطمعونَها ... ويروى برياها الضّجيعُ المكافِحُ

وغرّ تغادي ظلمَهُ ببنانِها ... مع الفجرِ من نعمانَ أخضرُ مائحُ

قضى كلُّ ذي دينٍ وعزَّةُ خلَّةٌ ... لهُ لم تنلهُ فهو عطشانُ قامحُ

وإنَّي لأكمِي النّاسَ ما تعديننِي ... من البخلِ أنْ يثرِي بذلكَ كاشِحُ

وأرضى بغيرِ البذلِ منها لعلَّها ... تفارقنا أسماءُ والودُّ صالحُ

وأصبحتُ ودَّعتُ الصبِّا غير أنني ... لعزَّةَ مصفٍ بالمناسبِ مادحُ

أبائنةٌ يا عزَّ عدواً نواكمُ ... سقتكِ الغوادِي خلفهً والرَّوائحُ

من الشّمِّ مشراقٌ ينيف بقرطها ... أسيلٌ إذا ما قلّدَ الحليَ واضحُ

وقال كثير:

ألم يحزنكَ يومَ غدَت حدوجُ ... لعزَّةَ إذ أجدَّ بها الخروجُ

بضاحِي النَّقبِ حينَ خرجنَ منهُ ... وخلفَ متونِ ساقتِها الخليجُ

رأيتُ جمالَها تعلُو الثّنايا ... كأنَّ ذرى هوادِجها البرُوجُ

وقد مرَّتْ على تربانَ تحدَى ... لها بالنَّعفِ من مللٍ وسيجُ

رأيتُ حدوجَها فظللْتُ صبّا ... تهيّجنِي مع الحزنَ الحدوجُ

إذا بصرتْ بها العينانِ لجَّتْ ... بدمعِهما معَ النّظرِ اللّجوجُ

وبالسّرحاتِ من ودّانَ راحتْ ... عليها الرّقمُ والبلقُ البهيجُ

وهاجتني بحزمِ عفارياتٍ ... وقدْ يهتاجُ والطّربِ المهيجُ

على فضلِ الرَّواحِ تضمّنتْها ... خصيباتُ المعالفِ والمروجُ

يشجُّ بها ذؤابةَ كلِّ حزنٍ ... سبوتٌ أو مواكبَةٌ دروجُ

وفي الأحداجِ حينَ دنونَ قصراً ... بحزنِ سويقةٍ بقرٌ دموجُ

حسانُ السَّيرِ لا متواتِراتٌ ... ولا ميلٌ هوادجُها تموجُ

فكدتُّ وقد تغيّبتِ التّوالي ... وهنَّ خواضعُ الحكماتِ عوجُ

بذي جددٍ من الجوزاءِ موفٍ ... كأنَّ ضبابهُ القطنُ النَّسيجُ

فقدْ جاوزنَ هضبَ قتايداتٍ ... وعنَّ لهنَّ من رككٍ شروجُ

أموتُ ضمانةً وتجلَّلتنِي ... وقدْ أتهمنَ مردمةً ثليجُ

كأنَّ دموعَ عيني يوم بانتْ ... دلاةٌ بلّها فرطٌ مهيجُ

يريعُ بها غداةَ الوردِ ساقٍ ... سريحُ المتحِ بكرَتُهُ مريجُ

فلو أبديت ودَّكِ أمَّ عمروٍ ... لدى الإخوانِ ساءهمُ الوليجُ

لكانَ لحبَّكِ المكتومِ شأنٌ ... على زمنٍ ونحنُ بهِ نعيجُ

تؤمِّلُ أنْ تلاقي أمَّ عمرٍو ... بمكَّةَ حيثُ يجتمعُ الحجيجُ

وقال كثير يمدح أبا بكر بن عبد العزيز بن مروان:

ألا أنْ نأتْ سلمَى فأنتَ عميدُ ... ولمَّا يفدْ منها الغداةَ مفيدُ

ولستَ بممسٍ ليلةً ما بقيتُها ... ولا مصبحٍ إلاَّ صباكَ جديدُ

ديارٌ بأعناءِ السُّريرِ كأنَّما ... عليهنَّ في أكنافِ غيقةَ شيدُ

تمرُّ السَّنونَ الخالياتُ ولا أرى ... بصحنِ الشَّبا أطلالهنَّ تبيدُ

فغيقةُ فالأكفالُ ظبيةٍ ... نظلَّ بها أدمُ الظّباءِ ترودُ

وخطباءَ تبكي شجوها فكأنَّها ... لها بالتّلاعِ القاوياتِ فقيدُ

كما استعلبتْ رأد الضّحَى حميريَّةٌ ... ضروبٌ بكفَّيها الشّراعَ سمودُ

لياليَ سعدَى في الشَّبابِ الذي مضَى ... ونسوتُها بيضُ السَّوالفِ غيدُ

يباشرنَ فأرَ المسكِ في كلِّ مهجعٍ ... ويشرقُ جاديٌّ بهنَّ مفيدُ

فدع عنكَ سلمَى إذْ أتَى النَّأيُ دونَها ... وأنتَ امرؤٌ ماضٍ زعمتَ جليدُ

وسلِّ همومَ النَّفسِ إنَّ علاجَها ... إذا المرءُ لم ينبلْ بهنَّ شديدُ

بعيساءَ في دأياتِها ودفوفِها ... وحارِكها تحتَ الوليِّ نهودُ

وفي صدرها صبٌّ إذا ما تدافعَتْ ... وفي شعبِ بينَ المنكبَينِ سنودُ

وتحتَ قتودِ الرَّحلِ عنسٌ حريزةٍ ... علاةٌ يباريها سواهمُ قودُ

تراها إذا ما الرّكبُ أصبحَ ناهلاً ... ورجّيَ وردُ الماءِ وهو بعيدُ

نزيفُ كما زافتْ إلى سلفاتِها ... مباهيةٌ طيَّ الوشاحِ ميودُ

إليكَ أبا بكرٍ تخبُّ براكبٍ ... على الأينِ فتلاءُ اليدينِ وخودُ

<<  <   >  >>