يمشي القرادَ عليها ثم يزلقُه ... منها لبانٌ وأقرابٌ زهاليلُ
عيرانةٌ قذفتْ باللحمِ عنْ عُرضٍ ... مرفقُها منْ بناتِ الزورِ مفتولُ
كأنّ ما فاتَ عينيها ومذبحها ... من خطمِها ومن اللحيينِ برطيلُ
تمرُّ مثلَ عسيبِ النخلِ ذا خصلٍ ... في غارزٍ لم تخونهُ الأحاليلُ
قنواءُ في حرتيها للبصير معاً ... عتقٌ مبينٌ وفي الآذان تآليلُ
تخدِي على يسراتٍ وهي لاحقةٌ ... ذوابلٌ وقعهنَّ الأرضَ تحليلُ
سمرُ العجاياتِ يتركنَ الحصا زيماً ... لم يقهنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ
يوماً تظلُّ حدَابُ الأرضِ يرفعها ... من اللوامعِ تخليطٌ وتزييلُ
يوماً يظلُّ به الحرباءُ مصطخِماً ... كأنّ ضاحيَه بالنَّارِ مملُولُ
كأنَّ أوْبَ ذراعيها إذا عرقتْ ... وقدْ تلفعَ بالقورِ العساقيلُ
وقالَ للقومِ حاديهم وقدْ جعلتْ ... ورقُ الجنادبِ يركضنَ الحصى قيلُوا
شدَّ النهارٍ ذراعا عيطلٍ نصفٍ ... قامتْ فجاوبَها نكدٌ مثاكيلُ
نواحةٌ رخوةُ الضبعيْنِ ليسَ لها ... لما نعى بكْرَها النّاعونَ معقولُ
تفري اللِّبَانَ بكفيها ومدرعُها ... مشققٌ عنْ تراقيها رعابيلُ
تسعى الوشاةُ بجنبَيْها وقولُهُم ... إنكَ يا بنَ أبي سلمَى لمقتولُ
وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آملهُ ... لا ألهينكَ إني عنكَ مشغولُ
فقلتُ خَلُّوا سبيلي لا أبَا لكمُ ... فكلُّ ما قدَّر الرحمنُ مفعولُ
كلُّ ابنِ أنثَى وإنْ طالتْ سلامتهُ ... يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ
أنبئتُ أن رسولَ اللهِ أوعدنِي ... والعفوُ عندَ رسولِ اللهِ مأمولُ
مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ ال ... قرآنِ فيها مواعيظٌ وتفصيلُ
لا تأخذنّي بأقوالِ الوشاةِ ولمْ ... أذنبْ وإن كثرتْ في الأقاويلُ
لقدْ أقومُ بأمرٍ لوْ يقومُ بهِ ... أرَى وأسمَعُ ما لو يسمعُ الفيلُ
لظلَّ يرعدُ إلا أن يكون لهُ ... منَ الرسولِ بإذنِ اللهِ تنويلُ
حتى وضعتُ يمنيي لا أنازعُهُ ... في كفِّ ذي نقماتٍ قيلُهُ قليلُ
لذاكَ أهيبُ عندِي إذْ أكلمهُ ... وقيلَ إنكَ منسوبٌ ومسؤولُ
منْ ضيغمٍ منْ ضراءِ الأُسدِ محذرهُ ... ببطنِ عثرَ غيلٌ دونهُ غيلُ
يغدو فيلحمُ ضرغامينِ عيشُهُما ... لحمٌ من القومِ معفُورٌ خراذيلُ
إذا يساورُ قرناً لا يحلُّ لهُ ... أنْ يتركَ القرنَ إلاَّ وهو مفلولُ
منه تظلُّ حميرُ الوحشِ ضامزةً ... ولا تمشي بواديهِ الأراجيلُ
ولا يزالُ بواديه أخو ثقةٍ ... مطرحُ البزِّ والدرسانِ مأكولُ
إنَّ الرسولَ لسيفٌ يستضاءُ به ... مهندٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ
في عصبةٍ من قريشٍ قالَ قائلهمْ ... ببطنِ مكةَ لمَّا أسلمُوا زولُوا
زالوا فما زالَ أنكاسٌ ولا كشفٌ ... عندَ اللقاءِ ولا ميلٌ معازيلُ
شمُّ العرانينِ أبطالٌ لبوسهمُ ... من نسجِ داوودَ في الهَيجا سرابيلُ
بيضٌ سوابغُ قد شكتْ لها حلقٌ ... كأنهُ خلقُ الفقعاء مجدولُ
يمشونَ مشيَ الجمالِ الزهرِ يعصمهم ... ضربٌ إذا عردَ السودُ التنابيلُ
لا يفرحونَ إذا نالتْ رماحهمُ ... قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلُوا
لا يقعُ الطعنُ إلاَّ في نحورهمِ ... وما لهمْ عنْ حياضِ الموتِ تهليلُ
وقال كعب يمدح الأنصار: الكامل
منْ سرَّهُ كرمُ الحياةِ فلا يزالْ ... في مقنبٍ من صالِحي الأنصارِ
المكرهينَ السمهريَّ بأذرعٍ ... كسوافلِ الهنديِّ غيرِ قصارِ
والناظرينَ بأعينٍ محمرةٍ ... كالجمرِ غيرِ كليلةِ الإبصارِ
والذائدين الناسَ عنْ أديانهم ... بالمشرفيّ وبالقنا الخطار
والباذلينَ نفوسهم لنبيِّهم ... يومَ الهياجِ وقبَّةِ الجَبَّارِ
دربُوا كما دربتْ أسودُ خفيةٍ ... غلبُ الرقابِ من الأسودِ ضواري
وهمُ إذا خوتِ النجومُ وأمحلوا ... للطائفينِ السائلينَ مقاري
وهمُ إذا انقلبوا كأنَّ ثيابهم ... منها تضوُّعُ فأرَةِ العطارِ