للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صريعُ مدامٍ يرفَعُ الشربُ رأسهُ ... ليحيا وقدْ ماتتْ عظامٌ ومفصلُ

تهاداهُ أحياناً وحيناً تجرهُ ... فما كادَ إلاَّ بالحشاشةِ يعقلُ

إذا رفعوا عظماً تحاملَ صدْرُهُ ... وآخرُ مما نالَ منهُ مخبلُ

شربتُ ولا قانِي لحلِّ أليتِي ... قطارٌ تروَّى من فلسطينَ مثقلُ

عليهِ من المعزَى مسوكٌ رويَّةٌ ... مملاءةٌ يُعلَى بها ويعدلُ

فقلتُ اصبحونِي لا أباً لأبيكمُ ... وما وضعوا الأثقالَ إلاَّ ليفعلوا

أناخوا فجروا شاصياتٍ كأنَّها ... رجالٌ من السُّودانِ لمْ يتسربلوا

وجاؤوا ببيسانيةٍ هيَ بعدما ... يعلُّ بها الساقيْ ألذُّ وأسهلُ

تمرُّ بها الأيْدِي سنياً وبارِحاً ... وتوضعُ باللهمَّ حيِّ وتحملُ

وتوقفُ أحياناً فيفصلُ بيننا ... غناءُ مغنٍّ أو شواءٌ مرعبلُ

فلذتْ لمرتاحٍ وطابتْ لشاربٍ ... وراجعنِي منها مراحٌ وأخيلُ

فلما لبثتنا نشوةٌ لحقتْ بنا ... توابعُها مما تعلُّ وتنهلُ

تدبُّ دبيباً في العظامِ كأنهُ ... دبيبُ نمالٍ في نقاً يتهيلُ

فقلتُ اقتلوها عنكمُ بمزاجها ... فأطيبْ بها مقتولةً حينَ تقتلُ

ربتْ ورَبا في حجرِها ابنُ مدينةٍ ... يظلُّ على مسحاتِهِ يتركلُ

إذا خافَ من نجمٍ عليها ظماءةً ... أدبَّ إليها جدولاً يتسلسلُ

أعاذلَ إنْ لمْ تقصرِي عن ملامتِي ... أدعكِ وأعمدْ للتِي هي أجملُ

ويهجركِ الهجرَ الجميل وينتحِي ... لنا من ليالينا العوارِمِ أولُ

فلما انجلتْ عني صبابةُ عاشقٍ ... بدا لِيَ منْ حاجاتِيَ المتأملُ

إلى هاجسٍ منْ آلِ ظمياءَ والتي ... أتَى دونها بابٌ بصرينَ مقفلُ

وبيداءَ ممحالٍ كأنَّ نعامَها ... بأرجائِها القصوَى أباعِرُ هملُ

ترى لامعاتِ الآلِ فيها كأنَّها ... رجالٌ تعرَّى تارةٍ وتسربلُ

وجوزِ فلاةٍ ما يغمضُ ركبُها ... ولا عينُ هادِيها من الخوفِ تغفلُ

بكلِّ بعيدِ الغولِ لا يهتدَى لهُ ... بعرفانِ أعلامٍ وما فيهِ منهلُ

ملاعبُ جنانٍ كأنَّ ترابها ... إذا اطردَتْ فيهِ الرياحُ مغربلُ

أجزتُ إذا الحرباءُ أوفَى كأنهُ ... مصلٍّ يمانٍ أو أسيرٌ مكبلُ

إلى ابنِ أسيدٍ خالدٍ أرقلتْ بنا ... مسانيفُ تعروري فلاةً تغولُ

ترى الثعلبَ الحوليَّ فيها كأنهُ ... إذا ما علا نشزاً حصانٌ مجللُ

ترى العرمِسَ الوجناءَ يضربُ حاذَها ... ضئيلٌ كفروجِ الدَّجاجةِ معجلُ

يشقُّ سماحيقَ السلا عنْ جنينها ... أخو قفرةٍ بادِي السغابةِ أطحلُ

فما زالَ عنها السيرُ حتى تواضعتْ ... عرائكها مما تحلُّ وترحلُ

وتكليفناها كلَّ نازحةِ الصوى ... شطونٍ ترى حرباءها يتململُ

وقد ضمرتْ حتى كأنَّ عيونها ... بقايا قلاتٍ أوْ ركِيٌّ ممكلُ

وماتَ بقاياها إلى كلِّ حرةٍ ... لها بعدَ إسآدٍ مراحٌ وأفكلُ

وقعنَ وقوعَ الطيرِ فيها وما بِها ... سوى جرةٍ يرجعنَها متعللُ

وإلا مبالٌ آجنٌ في مناخِها ... ومضطمراتٌ كالفلافِلِ ذبَّلُ

حوامِلَ حاجاتٍ ثقالٍ تجرها ... إلى حسن النعمَى سواهِمُ نسلُ

إلى خالِدٍ حتى أنخنَ بخالدٍ ... فنعمَ الفتى يرجَى ونعمَ المؤملُ

أخالدُ مأواكمْ لمنْ حلَّ واسعٌ ... وكفاكَ غيثٌ للصعاليك مرسلُ

هو القائدُ الميمونُ والمبتغَى بهِ ... ثباتُ رحاً كانتْ قديماً تزلزلُ

أبَى عودُكَ المعجومُ إلاَّ صلابةً ... وكفاكَ إلاَّ نائلاً حينَ تسألُ

ألا أيُّها الساعي ليدرِكَ خالداً ... تناهَ وأقصرْ بعضَ ما كنتَ تفعلُ

وهلْ أنتَ إنْ مدَّ المدَى لكَ خالدٌ ... موازٍ لهُ أو حامِلٌ ما تحمَّلُ

أبى لكَ أن تسطيعهُ أو تنالهُ ... حديثٌ شآكَ القومُ فيه وأوَّلُ

أميَّةُ والعاصِي وإنْ يدعُ خالدٌ ... يجبهُ هشامٌ للفعالِ ونوفلُ

أولئكَ عينُ الماءِ فيهمْ وعندهمْ ... من الخيفةِ المنجاةٌ والمتحولُ

سقى اللهُ أرضاً خالدٌ خيرُ أهلها ... بمستفرغٍ باتتْ عزاليهِ تسحلُ

<<  <   >  >>