هيفٌ هدُوجُ الضُّحَى سهوٌ مناكبُها ... يكسونَهَا بالعشياتِ العثانينا
يكسونَها منزلاً لاحتْ معارِفُهُ ... سُفعاً أطالَ بهنَّ الحيُّ تدمينَا
عرجتُ فيها أحييهَأ وأَسألُهَا ... فكدنَ يبكينني شوقاً ويبكينَا
فقلتُ للقومِ سيروا لا أبا لكمُ ... أرى منازلَ ليلَى لا تحيينَا
وطاسمٍ دعسُ آثارِ المطيِّ بهِ ... نائي المخارمِ عرنيناً فعرنينَا
قدْ غيرتهُ رياحٌ واخترقْنَ بهِ ... منْ كلِّ ما بأسيلِ الريحِ يأتينا
يصبحنَ دعسَ مراسيلِ المطيِّ بهِ ... حتى يغيرْنَ منهُ أو يُسَوِّينا
في ظهرِ مرتٍ عساقيلُ السرابِ بهِ ... كأنَّ وغرَ قطاهُ وغرُ حادِينا
كأنَّ أصواتَ أبكارِ الحمامِ بهِ ... منْ كلِّ محنيةٍ منهُ تغنينا
أصواتُ نسوانِ أنباطٍ بمصنعةٍ ... نجدْنَ للنوحِ واجتبنَا التبابينا
في مشرفٍ ليطَ لياقُ البلاطِ بهِ ... كانتْ لساستهِ تهدَى قرابينا
صوتُ النواقيسِ فيهِ ما يفرطُهُ ... أيدي الجلاذي وجونٌ ما يعفينا
كأنَّ أصواتَها منْ حيثُ تسمعُهَا ... صوتُ المحابضِ يخلجنَ المحارينا
واطأتُهُ بالسُّرى حتى تركتُ بها ... ليلَ التمامِ ترى أسدافهُ جونَا
في ليلةٍ من ليالي الدهرِ صالحِةٍ ... لو كانَ بعدَ انصرافِ الدهرِ مأمونا
أبلغْ خديجاً فإني قدْ سمعتُ لهُ ... بعضَ المقالةِ يهديهَا فتهدينا
مالكَ تجري إلينَا غيرَ ذي رسَنٍ ... وقدْ تكونُ إذا نجريكَ تعيينا
وقدْ برَيتَ قداحاً أنتَ مرسلُهَا ... ونحنُ راموكَ فانظرْ كيفَ ترمينَا
فأقْصدِ بذرعِكَ واعلمْ لو تجامعنَا ... أنا بنو الحربِ نسقيهَا وتسقينا
سمُّ الصباحِ بخرصانٍ مقومةس ... والمشرفيةُ نهديها بأيدينا
إنَّا مشائيمُ إنْ أرشتَ جاهلنَا ... يومَ الطعان وتلقانا ميامينَا
وعاقدِ التاجِ أو سامٍ لهُ شرفٌ ... منْ سوقةِ الناسِ نالتهُ عوالينا
فاستبهلَ الحربَ منْ حرانَ مطرِدٍ ... حتى تظلَّ على الكفينِ مرهونَا
فإنَّ فينا صبُوحاً إنْ أربتَ بهِ ... جمعاً بهياً وألافاً ثمانينَا
ومقرباتٍ عناجيجاً مطهمةً ... من آلَ أعوجَ ملحوفاً وملبونا
إذا تجاوبنَ صعدْنَ الصهيلَ بهِ ... إلى الشؤُونِ ولمْ تصهَلُ براذِينَا
ورجلَةٍ يضربونَ البيضَ عنْ عرُضٍ ... ضرباً تواصِي بهِ الأبطالُ سجينا
فلا تكونَنَّ كالنَّازي ببطنَتِهِ ... بينَ القرينينِ حتى ظلَّ مقرونا
وقال تميم أيضاً: الطويل
تأملْ خليلي هلْ ترى ضوءَ بارقٍ ... يمانٍ مرتهُ ريحُ نجدٍ ففترا
مرتهُ الصَّبا بالغورِ غورِ تهامةٍ ... فلمَّا ونتْ عنهُ بشعفينِ أمطرَا
يمانيةٌ تمري الربابَ كأنهُ ... رئالُ نعامٍ بيضهُ قدْ تكسَّرَا
وطبقَ لوذانَ القبائلِ بعدمَا ... سقى الجزعَ من لوذانَ صفواً وكدَّرا
فأمسى يحطُّ المعصِماتِ حبيُّهُ ... فاصبحَ زيافَ الغمامةِ أقمرَا
كأنَّ بهِ بينَ الطراةِ ورهوةٍ ... وناصفةِ الضبعينِ غاباً مسعَّرَا
فغادرَ ملحوباً تمَشِّي ضبابُهُ ... عباهيلَ لمْ يترُكْ بهِ الماءُ مجحرا
أقامَ بشطانِ الركاءِ وراكسٍ ... إذا غمقَ ابنُ الماءِ في الوبلِ بربَرا
أصاختْ لهُ غُدرُ اليمامةِ بعدما ... تدثرهَا منْ وبلهِ ما تدثرا
أناخَ برملِ الكوسحَينِ إناخَةَ ال ... يماني قلاصاً حطَّ عنهنَّ أكورَا
أجدِّي أرَى هذا الزمانَ تغيرا ... وبطنَ الركاءِ منْ موالي أقفرَا
وكائنْ تَرَى منْ منهلٍ بادَ أهلهُ ... وعيدَ على معروفِهِ فتنكرَا
أتاهُ قطا الأجبابِ منْ كلِّ جانبٍ ... فنقرَ في أعطانهِ ثمَّ طيرَا
فإمَّأ ترينِي قدْ أطاعتْ جنيبتي ... وخيطَ رأسِي بعدَ ما كانَ أوفَرَا
وأصبحتُ شيخاً أقصرَ اليومَ باطلي ... ورديتُ ريعانَ الصبَى المتعورا
وقدمتُ قدامي العصَا أهتدي بها ... وأصبحَ كرِّي للصبابةِ أعسَرَا
فقدْ كنتُ أحذي النابَ بالسيفِ ضربةً ... فأبقِي ثلاثاً والوظيفَ المكعبرا