للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأدارها أُصُلاً وكلَّفَ نفسهُ ... تقريبَ صادقَةِ النجاءِ نوارِ

يغشى كريهتها على ما قدْ يرى ... في نفسِها من بغضةٍ وفرارِ

ترمِي ذراعيْهِ وبلدةَ نحرهِ ... بحصًى يطيرُ فضاضُه وغُبارِ

وتفوتُهُ نشزاً فيلحقُ معجلاً ... ربذَ اليدينِ كفائضِ الأيسارِ

يعلو فروعَ قطاتهِا من أنسِهِ ... بملاحِكٍ كرحالةٍ النجارِ

فتذكرا عيناً يطيرُ بعوضُها ... زرقاءُ خاليةً من الحضارِ

طرَقا من المغدى غديراً صافياً ... فيه الضفادِعُ شائعُ الأنهارِ

والأزرَقُ العجليِّ في ناموسِهِ ... بارِي القداح وصانعُ الأوتارِ

من عَيشهِ القتراتُ أحسَنَ صنعَها ... بحصا يدِ القصباءِ والجيَّارِ

فدَنتْ لهُ حتى إذا ما أمكنتْ ... أرساغُهُ من معظمِ التيارِ

وأحسَّ حسهُما فيسَّرَ قبضَةً ... صفراءَ راشَ نضيَّها بظُهارِ

فرَمى فأخطأَهَا ولَهَّفَ أمَّهُ ... ولكِّ ما وقِيَ المنيةَ صَارِي

فتوليا يتنازعانِ بساطِعٍ ... متقطعٍ كملاءةِ الأنبارِ

يتعاورانِ الشوطَ حتى أصبحا ... بالجزعِ بينَ مثقبٍ ومطارِ

فبتلْكَ أفضِي الهمَّ إذْ وهمتْ بهِ ... نفسِي ولَسْتُ بِناء ناءٍ عوَّارِ

وقبيلةٍ جنبٍ إذا لاقيتهمْ ... نظروا إليَّ بأوجهٍ أنكارِ

حييتُ بعضهمُ لأرْجعَ ودهمْ ... بخلائقٍ معروفةٍ وجوارِ

والجارُ أومنُ سرحَهُ ومحلَّهُ ... حتى يبينَ لنيةِ المختارِ

فلئن رأيتُ الشَّيبَ خوصَ لمتِي ... منْ طولِ ليلٍ دائبٍ ونهارِ

إنِّي لترزأني النوائبُ في الغنَى ... وأعفُّ عندَ مشحَّةِ الإقتارِ

فجزا الإلهُ سراةَ قوْمي نُصرةً ... وسقاهمُ بمشارِبِ الأبرارِ

قومٌ إذا خافُوا عثارَ أخيهم ... لا يسلمونَ أخاهُمُ لعثارِ

أمثالُ علقمةَ بن هوذةَ إذْ سعَى ... يخشَى عليَّ متالفَ الأمصارِ

أثْنَوا عليَّ فأحْسَنُوا فترافدُوا ... لي بالمخاضِ البزلِ والأبكارِ

والشولُ يتبعُها بناتُ لبونِها ... شرقاً حناجرُها من الجرجار

حتى تأوَّى حولَ بيتِي هجمةٌ ... أبكارُها كنواعِمِ الجبارِ

وكأنَّ خلفَتَها عطيفَةُ شواحطٍ ... عطلٌ براها مِنْ خزاعةَ باري

وبغَى بها ماءَ النطافِ فلمْ تجدْ ... ماءُ بتنهيةٍ ولا بغمارِ

وقال المخبل أيضاً: الطويل

عَفا العرضُ بعدي منْ سُلَيمى فحائلُهْ ... فبطنُ عنانٍ رييهُ فأفأكلُهْ

فروضُ القَطا بعدَ التساكُنِ حقبةً ... فبلؤٌ عفتْ باحاتُهُ فمسايلُهْ

فميتُ عريناتٍ بها كلُّ منزلٍ ... كوشمِ العذارى ما يُكلَّمُ سائلُهْ

تمشي بها عوذُ النعاجِ كأنَّها ... فريقٌ يوافي الحجَّ حانتْ منازلُهُ

ذكرتُ بها سلمى وكتمانَ حاجةٍ ... لنفسي وما لا يعلمُ الناسُ داخلُهْ

يظلُّ يؤسيني صحابي كأنني ... صريعُ مدامٍ باكرتْهُ نواطلُهْ

وما كانَ محقوقاً فؤادُكَ بالصبا ... ولا طربٌ في إثرِ من لا تواصِلُهْ

وما ذكرهُ سَلمى وقد حال دونَها ... مصانعُ حجرٍ دورُهُ ومجادِلُهُ

وإنْ لمْ يورعُني الشبابُ ولم يلُجْ ... برأْسِيَ شيبٌ أنكرَتْهُ غواسلُهْ

وفيتُ فلمْ أعذِرْ ولم يلقَ غبطةً ... مساجِلُ بؤسَى قمتُ يوماً أساجلُهْ

وقد رابني منْ بعضِ قومِي منطقٌ ... لهُ جلبٌ تروى عليَّ بواطِلُهْ

ومَنْ يرَ عزاً في قريعٍ فإنَّهُ ... تراثُ أبيها مجدُهُ وفواضِلُهْ

نقلنا لهُ أثمانهُ ... من بيوتنا وحلتْ إلينا يومَ حُلتْ رواحِلُهْ

وكائنْ لنا من إرْثِ مجدٍ وسؤددٍ ... مواردُهُ معلومةٌ ومناهلُهْ

ومنا الذي ردَّ المغيرةَ بعدما ... بدا حاملٌ كاللوثِ تبدو شواكلُهْ

أتاحَ لها ما بينَ أسفلِ ذي حُسَى ... فحزْمِ اللوى وادي الرُّسَيسِ فعاقِلُهْ

هزبرٌ هريتُ الشدْقِ رئبالُ غابةٍ ... إذا سارَ عزتهُ يداهُ وكاهِلُهْ

شتيمُ المحيَّا لا يفارقُ قرنَهُ ... ولكنهُ بالصحصحانِ ينازلُهْ

وأُعطِيَ منا الحلقَ أبيضُ ماجدٌ ... نديمُ ملوكٍ ما تغبُّ نوافِلُهْ

<<  <   >  >>