للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاءَتْ تَبُذُّ القائدَيْنِ ولمْ تدَعْ ... نِعالَهما إلاّ سَريحاً مُخدَّما

أراها جَرِيّايَ الخَلا فتشَذَّرتْ ... مِراحاً ولم تقرأْ جَنيناً ولا دما

فجاءا بشَوْشاةٍ مِراقٍ ترى بها ... نُدوباً منَ الأنساعِ فذّاً وتوأَما

وجاءتْ ومنْ أخرى النهارِ بقيّةٌ ... وقد وَدَّكَ الحادي السَّليلَ وخَشْرما

أطاعتْ لعِرفانِ الزِّمامِ وأضمرتْ ... مكانَ خفيّ الجَرْسِ وحْفاً مُجَمْجما

فمارَتْ بضَبعَيْها رَجيعاً وكَلّفَتْ ... بَعيرَيْ غلامِيَّ الرَّسيمَ فأَرْسما

وعزَّتْ بقاياهُنَّ كلُّ جُلالةٍ ... يُنازعُ حَبْلاها أجَدَّ مُصرَّما

ترى العَيْهلَ الدَّفْقاءَ قدْ ماجَ غِرْضُها ... تسومُ المطايا ما أذلَّ وأرغما

فلمّا أدركْناهنَّ لم يقضِ قائلٌ ... مقالاً ولا ذو حاجةٍ ما تَجثَّما

فقلتُ لها عُوجي لنا أمَّ طارقٍ ... نُتاجِ ونَحواكمْ شِفاءٌ لأَهْيَما

فعادَتْ علينا من خِدَبٍّ إذا سدى ... سرى عن ذراعَيْهِ السَّديلَ المُرقّما

فكانَ اختلاساً من خَصاصٍ ورِقبةٍ ... بنا العيسُ يَنثُرْنَ اللُّغامَ المُعمّما

وقالتْ لأترابٍ لها شبَهِ الدُّمى ... ثلاثٍ يُنازعْنَ الحديثَ المُكتَّما

يُنازعْنَ خِيطانَ الأراكِ فأرجعَتْ لها ... كفُّها منهنَّ لَدْناً مُقوَّما

فماحَتْ بهِ غرُّ الثنايا مُفلَّجاً ... وسيماً جلَتْ عنهُ الطِّلالَ مُؤْشَّما

فواللهِ ما أدري أَوَصْلاً أرادَتا ... بما قالتا أمْ أصبحَ الحبلُ أجْذَما

وما هاجَ هذا الشوقَ غيرُ حمامةٍ ... دعَتْ ساقَ حرٍّ في حمامٍ تَرنَّما

إذا شئتُ غنَّتْني بأجزاعِ بِيشةٍ ... أوالرِّزْنِ من تَثليثَ أو يَبْنَما

مُطوَّقةٌ ورْقاءُ تسجعُ كلمّا دنا ... الصيفُ وانْجالَ الربيعُ فأنْجَما

مُحلاّةُ طوقٍ لمْ تكنْ من جَعيلةٍ ... ولا ضربِ صَوّاغٍ بكفّيْهِ دِرهما

بنَتْ بِنْيَةَ الخرقاءِ وهْيَ رفيقةٌ ... لها بيفاعٍ بينَ عُودَينِ سُلّما

منَ الوُرقِ حَمّاءِ العِلاطَينِ باكَرتْ ... عَسيبَ أشاءٍ مطلِعَ الشمسِ أسْحما

إذا حرّكتْهُ الريحُ أو مالَ جانباً ... تغنَّتْ عليهِ مائلاً ومُقوَّما

تغنَّى على فَرعِ الغصونِ وتَرْعَوي ... إلى ابنِ ثلاثٍ بينَ عُودَينِ أعجما

تَقيَّضَ عنهُ غِرْقئ البَيضِ واكتسى ... أنابيبَ من مستعجِلِ الريشِ حَمَّما

تُرَبِّبُ أحوى مُزْلَغِبّاً ترى لهُ ... أنابيبَ من مُسْتَحْنِكِ الريشِ أقْتما

يمُدُّ إليها خشيةَ الموتِ جِيدَهُ ... كهَزِّكَ بالكفِّ البريَّ المُقوَّما

كأنَّ على أشداقِهِ نَورَ حَنوَةٍ ... إذا هوَ مَدَّ الجِيدَ منهُ ليُطعَما

فلمّا اكتسى الريشَ السُّخامَ ولمْ تجدْ ... لها معهُ في جانبِ العُشِّ مَجْثِما

أُتيحَ لها صقرٌ مُسِفٌّ فلمْ يدعْ ... لها ولداً إلاّ رماها وأعْظُما

تحُتُّ على ساقٍ ضُحيّاً فلمْ تدَعْ ... لباكيةٍ في شجوِها مُتلَوَّما

فهاجَ حمامَ الأيكَتَيْنِ نَواحُها ... كما هيّجَتْ ثَكلى على النَّوحِ مأتَما

إذا خرجَتْ من مَسكنِ الأرضِ راجعَتْ ... لها مسكناً من منبِتِ العِيصِ مَعْلما

عجِبتُ لها أنّى يكونُ غناؤُها ... فَصيحاً ولمْ تفغَرْ بمَنطقِها فما

ولمْ أرَ محقوراً لهُ مثلَ صوتِها ... أحَنَّ وأحوى للحزينِ وأكْلَما

ولمْ أرَ مثلي شاقَهُ صوتُ مثلِها ... ولا عربيّاً شاقَهُ صوتُ أعْجَما

خليلَيَّ هُبّا عَلِّلانيَ وانظُرا ... إلى البرقِ ما يَفْري سَناً وتبسُّما

خَفا كاقتِذاءِ الطَّيرِ وهناً كأنّهُ ... سراجٌ إذا ما يكشفُ الليلَ أظْلَما

عَروضٌ تدلَّتْ من تِهامةَ أُهديَتْ ... لنجدٍ فساحَ البرقُ نجداً وأتْهَما

كأنَّ رماحاً أطلعَتْهُ ضعيفةً ... معَ الليلِ يسعَرْنَ الأباءَ المُضرَّما

كنقضِ عتاقِ الطيرِ حتى تَوجَّهتْ ... إليهنَّ أبصاراً وأيقظْنَ نُوَّما

وصوتٍ على فَوتٍ سمعتُ ونظرةٍ ... تلافَيْتُها والليلُ قد عادَ أغْسَما

<<  <   >  >>