للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجنفَ مأطورِ القَرى كانَ جنَّةً ... منَ السَّيلِ عالتهُ الوليدةُ أحدبا

بعينيكَ زالَ الحيُّ منها لنيَّةٍ ... قذوفٍ تشوقُ الآلفَ المتطرِّبا

فزمُّوا بليلٍ كلَّ وجناءَ حرَّةٍ ... ذقونٍ إذا ما سائقُ الرَّكبِ أهذبا

وأعيسَ نضّاخِ المقذِّ تخالهُ ... إذا ما تدانى بالظَّعينةِ أنكبا

ظعائنَ مُتباعِ الهوى قذفِ النَّوى ... فرودٍ إذا خافَ الجميعُ تنكَّبا

فقدْ طالَ ما علِّقتْ ليلى مغمَّراً ... وليداً إلى أنْ صارَ رأسكَ أشيبا

فلا أنا أُرضي اليومَ منْ كانَ ساخطاً ... تجنُّبَ ليلى إنْ أرادَ تجنُّبا

رأيتكَ منْ ليلى كذي الدَّاءِ لمْ يجدْ ... طبيباً يداوي ما بهِ فتطبَّبا

فلمَّا اشتفى ممَّا بهِ علَّ طبَّهُ ... على نفسهِ ممَّا بهِ كانَ جرَّبا

فدعْ عنكَ أمراً قدْ تولَّى لشأنهِ ... وقضِّ لباناتِ الهوى إذْ تقضَّبا

بشهمٍ جديليٍّ كأنَّ صريفهُ ... إذا اصطكَّ ناباهُ تغرُّدُ أخطبا

برى أُسَّهُ عنه السِّفارَ فردَّهُ ... إلى خالصٍ منْ ناصعِ اللَّونِ أصهبا

بهِ أجتدي الهمَّ البعيدَ وأجتزي ... إذا وقدَ اليومُ المليعَ المذبذَبا

ألا أيُّهذا المحتدينا بشتمهِ ... كفى بيَ عن أعراضِ قومي مرهبا

وجاريتَ منِّي غيرَ ذي مثنويَّةٍ ... على الدّفعةِ الأولى مبرّاً مجرَّبا

لزازَ حضارٍ يسبقُ الخيلَ عفوهُ ... وساطٍ إذا ضمَّ المحاضر معقِبا

يجول أمام الخيل ثاني عطفه ... إذا صدره بعد التناظر صوبا

تعالَوا إذا ضمَّ المنازلُ منْ منًى ... ومكَّةُ من كلِّ القبائلِ منكِبا

نواضعكمْ أبناءنا عنْ بنيكمُ ... على خيرِنا في النَّاسِ فرعاً ومنصِبا

وخيرٍ لجارٍ من موالٍ وغيرهمْ ... إذا بادرَ القومُ الكنيفَ المنصَّبا

وأسرعَ في المِقرى وفي دعوةِ النَّدى ... إذا رائدٌ للقومِ رادَ فأجدبا

وأقْولَنا للضَّيفِ ينزلُ طارقاً ... إذا كرهَ الأضيافُ أهلاً ومرحبا

وأصبرَ في يومِ الطِّعانِ إذا غدتْ ... رعالاً يبارينَ الوشيجَ المذرَّبا

هنالكَ يُعطي الحقَّ منْ كانَ أهلهُ ... ويغلبُ أهلُ الصِّدقِ منْ كانَ أكذبا

وإنْ تسأموا منْ رحلةٍ أوْ تعجِّلوا ... أنَى الحجِّ أخبركمْ حديثاً مطنّبا

أنا المرءُ لا يخشاكمُ إنْ غضبتمُ ... ولا يتوقَّى سخطكمْ إنْ تغضَّبا

أنا ابنُ الذي فاداكمُ قدْ علمتمُ ... ببطنِ معانٍ والقيادَ المجنَّبا

وجدِّي الذي كنتمْ تطلُّونَ سجّداً ... لهُ رغبةً في ملكهِ وتحوُّبا

ونحنُ رددنا قيسَ عيلانَ عنكمُ ... ومنْ سارَ منْ أقطارها وتألَّبا

بشهباءَ إذْ شبَّتْ لحربٍ شبوبُها ... وغسَّانَ إذْ زافوا جميعاً وتغلبا

بنقعاءَ أظللنا لكمْ منْ ورائهمْ ... بمنخرقِ النَّقعاءِ يوماً عصبصبا

فأُبنا جدالاً سالمينَ وغودِروا ... قتيلاً ومشدود اليدينِ مكلَّبا

ألمْ تعلموا أنَّا نذبِّبُ عنكمُ ... إذا المرءُ عنْ مولاهُ في الرَّوعِ ذبَّبا

وإنَّا نزكِّيكم ونحملُ كلَّكمْ ... ونجبرُ منكمْ ذا العيالِ المعصَّبا

وإنَّا بإذنِ اللهِ دوَّخَ ضربُنا ... لكمْ مشرقاً منْ كلِّ أرضٍ ومغربا

علينا إذا جدَّتْ معدٌّ قديمها ... ليومِ النّجادِ ميعةً وتغلُّبا

وإنَّا أناسٌ لا نرى الحلمَ ذلَّةً ... ولا العجزَ حينَ الجدُّ حلماً مورَّبا

ونحنُ إذا عدَّتْ معدٌّ قديمها ... يعدُّ لنا عدّاً على النَّاسِ ترتَبا

سبقنا إذا عدَّتْ معدٌّ قديمها ... ليومِ حفاظٍ ميعةً وتقلُّبا

وإنَّا لقومٌ لا نرى الحلمَ ذلَّةً ... ولا نبسلُ المجدَ المنى والتَّجلُّبا

وإنَّا نرى منْ أُعدمَ الحلمَ معدماً ... وإنْ كانَ مدثوراً منَ المالِ متربا

وذو الوفرِ مستغنٍ وينفعُ وفرهُ ... وليسَ يبيتُ الحلمُ عنَّا معزِّبا

ولا نخذلُ المولى ولا نرفعُ العصا ... عليهِ ولا نزجي إلى الجارِ عقربا

فهذي مساعينا فجيئوا بمثلِها ... وهذا أبونا فابتغُوا مثلهُ أبا

<<  <   >  >>