وقلتُ ولم أملك: رزامَ بنَ مازنٍ ... إلى آيةٍ فيها حياءُ الخرائدِ
وقال مزرد أيضاً، مفضلية، وقرأتها في جملة المفضليات علي شيخي ابن الخشاب:
صحا القلبُ عن سلمى وملَّ العواذلُ ... وما كادَ لأياً حبُّ سلمى يزايلُ
فؤاديَ حتى طارَ غي شبيبتي ... وحتى علا وخطٌ من الشيبِ شاملُ
يقنئهُ ماءُ اليرناءِ تحتهُ ... شكيرٌ كأطرافِ الثغامةِ ناصلُ
فلا مرحباً بالشيبِ من وفدِ زائرٍ ... متى يأتِ لا تحجب عليهِ المداخلُ
وسقياً لريعانِ الشبابِ فإنهُ ... أخو ثقةٍ في الدهرِ إذ أنا جاهلُ
إذ الهو بليلى وهيَ لذٌّ حديثها ... لطالبها مسؤولُ خيرٍ فباذلُ
وبيضاءَ فيها للمخالم صبوةٌ ... ولهوٌ بمن يرنو إلى اللهوِ شاغلُ
لياليَ إذ تصبي الحليمَ بدلها ... وتمشي خزيلَ الرجعِ فيهِ تفاتلُ
وعيني مهاةٍ في صوارٍ مرادها ... رياضٌ سرت فيها الغيوثُ الهواطلُ
وأسحمَ ريانِ القرونِ كأنهُ ... أساودُ رمانَ السباطُ الأطاولُ
وتخطو على برديتين غذاهما ... نميرُ المياهِ والعيونُ الغلاغلُ
فمن يكُ معزالَ اليدينِ مكانهُ ... إذا كشرت عن نابها الحربُ خاملُ
فقد علمت فتيانُ ذبيانَ أنني ... أنا الفارسُ الحامي الذمارَ المقاتلُ
وأني أردُّ الكبشَ والكبشُ جامحٌ ... وأرجعُ رمحي وهو ريانُ ناهلُ
وعندي إذا الحربُ العوانُ تلقحت ... وأبدت هواديها الخطوبُ الزلازلُ
طوالُ القرى قد كادَ يذهبُ كاهلاً ... جوادُ المدى والعقبِ والخلقُ كاملُ
أجشُّ صريحيٌّ كأنَّ صهيلهُ ... مزاميرُ شربٍ جاوبتها جلاجلُ
متى يرَ مركوباً يقل بازُ قانصٍ ... وفي مشيهِ عند القيادِ تساتلُ
تقوكُ إذا أبصرتهُ وهوَ صائمٌ ... خباءٌ على نشزِ أو السيدُ ماثلُ
خروجُ أضاميمٍ وأحصنُ معقلٍ ... إذا لم يكن إلا الجيادَ معاقلُ
مبرزُ غاياتٍ وأن يتلُ عانةً ... يذرها كذودٍ عاثَ فيها مخايلُ
يرى طامحَ العينين يرنو كأنهُ ... مؤانسُ ذعرٍ فهو بالأذنِ خاتلُ
إذِ الخيلُ من غبّ الوجيفِ رأيتها ... وأعينها مثلَ القلاتِ حواجلُ
وقلقلتهُ حتى كأنَّ ضلوعهُ ... سفيفُ حصيرٍ فرقتهُ الرواملُ
يرى الشدَّ والتقريبَ نذراً إذا عدا ... وقد لحقت بالصلبِ منهُ الشواكلُ
لهُ طحرٌ عوجٌ كأنَّ بضيعها ... قداحٌ براها صانعُ الكفِّ نابلُ
وصمُّ الحوامي ما يبالي إذا عدا ... أوعثُ نقاً عنت لهُ أم جنادلُ
وسلهبةٌ جرداءُ باقٍ مريسها ... موثقةٌ مثلُ الهراوةِ حائلُ
كميتٌ عبناةُ السراةِ نمى بها ... إلى نسبِ الخيلِ الصريحُ وجافلُ
منَ المسبطراتِ الجياد طمرةٌ ... لجوجٌ هواها السبسبُ المتماحلُ
صفوحٌ بخديها وقد طالَ جريها ... كما قلبَ الكفَّ الألدُّ المجادلُ
يفرطها عن كبةِ الخيلِ مصدقٌ ... كريمٌ وشدٌّ ليسَ فيهِ تخاذلُ
وإن ردَّ من فضلِ العنانِ توردت ... هويَّ قطاةٍ أتبعتها الأجادلُ
مقربةٌ لم تقتعد غيرَ غارةٍ ... ولم تمترِ الأطباءَ منها السلائلُ
إذا ضمرت كانت جدايةَ حلبٍ ... أمرت أعاليها وشدَّ الأسافلُ
فقد أصبحت عندي تلاداً عقيلة ... ومن كل مالٍ متلداتٌ عقائلُ
وأحبسها ما دام للزيتِ عاصرٌ ... وما طافَ فوقَ الأرضِ حافٍ وناعلُ
ومسفوحةٌ فضفاضةٌ تبعيةٌ ... وآها القتير تجتويها المعابلُ
دلاصٌ كظهرِ النونِ لا يستطيعها ... سنانٌ ولا تلكَ الحظاءُ الدواخلُ
موشحةٌ كالنهي دانٍ حبيكها ... لها حلقٌ بعدَ الأناملِ فاضلُ
مشهرةٌ تحنى الأصابعُ نحوها ... إذا اجتمعت يومَ الحفاظِ القبائلُ
وتسبغةٌ في تركةِ حميريةٍ ... دلامصةٍ ترفضُّ عنها الجنادلُ
كأنَّ شعاعَ الشمسِ في حجراتها ... مصابيحُ رهبانٍ زهتها القنادلُ
وجوبٌ يرى كالشمسِ في طخيةِ الدجى ... وأبيضُ ماضٍ في الضريبةِ قاصلُ
سلافُ حديدٍ ما يزالُ حسامهُ ... ذليقاً وقدتهُ القرونُ الأوائلُ