للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يدٌ منْ قريبٍ أو بعيدٍ أتتْ بهِ ... شآميةٌ غبراءُ ذاتُ قتامِ

كأني وقدْ جاوزتُ تسعين حجةً ... خلعتُ بها يوماً عذارَ لجامِ

على الراحتينِ مرةً وعلى العَصَا ... أنوءُ ثلاثاً بعدهنَّ قيامِي

رَمَتنِي بناتُ الدهرِ من حيثُ لا أرى ... فكيفَ بمنْ يُرمى وليس برامِ

فلوْ أنها نَبلٌ إذنْ لاتقيتُها ... ولكنني أرمَى بغيرِ سهامِ

إذا ما رآني الناسُ قالوا ألمْ يكنْ ... حديثاً شديدَ البَزِّ غيرَ كهامِ

وأفنَى وما أُفنِي منَ الدهرِ ليلةً ... ولمْ يغْنِ ما أفنَيتُ سلكَ نظامِ

وأهلكني تأميلُ يومٍ وليلةٍ ... وتأميلُ عامٍ بعدَ ذاكَ وعامِ

وقال عمرو أيضاً: الكامل

هلاَّ يهيجُ شوقكَ الطَّلَلُ ... أمْ لا يفرّطُ شيخَكَ الغَزَلُ

أمْ ذا القطينُ أصابَ مقتلَهُ ... منهُ وخانُوهُ إذا احتمَلُوا

ورأيتُ ظُعْنَهُمُ مُقَفِّيَةً ... تعلو المخارمَ سيرها رملُ

قنأَ العهونُ على حواملِها ... ومنَ الرهاوياتِ والكللُ

وكأنَّ غزلانَ الصريمِ بها ... تحتَ الخدورِ يظلها الظللُ

تامتْ فؤادَكَ يومَ بينهمِ ... عندَ التفرقِ ظبيةٌ عطلُ

شنفتْ إلى رشاءٍ ترببهُ ... ولها بذاتِ الحاذِ معتَزِلُ

ظلٌّ إذا ضحيتْ ومرتقبٌ ... ولا يكونُ لليلهَا دغَلُ

فسقى منازلَها وحلتَها ... قردُ الربابِ لصوتهِ زجلُ

أبدَى محاسِنَهُ لناظِرِه ... ذاتَ العِشاءِ مهلبٌ خضِلُ

متحلبٌ تهوِي الجنوبُ بهِ ... فتكادُ تعدلُهُ وتنجفلُ

وضعتْ لدى الأضياعِ ضاحيةً ... فوهى السيوبُ وحطتِ العجلُ

فسقَى امرأ القيسِ بن عمرَةَ إنّ ... الأكرمينَ لذِكرِهِمْ نبلُ

كمْ طعنةٍ لك غيرَ طائشةٍ ... ما إنْ يكونُ لجرحِها خللُ

فطعنتها وضربت ثانيةً ... أخرى وتنزلُ إنْ همُ نزلوا

يهبُ المخاضَ على غواربها ... زبدُ الفحولِ معانُها بقلُ

وعشارُها بعدَ المخاضِ وقدْ ... صافتْ وغمَّ رباعها النفلُ

وإذا المجزِّئ حانَ مشربُهُ ... عندَ المصيفِ وسرّهُ النهلُ

رشفُ الذنابِ على جماجمها ... ما إنْ يكونُ لحوضها سملُ

وقال عمرو أيضاً: المتقارب

نأتكَ أمامَةُ إلا سؤالا ... وإلاَّ خيالاً يوافي خيالا

يوافي معَ الليلِ ميعادَها ... ويأبَى مع الصبحِ إلاَّ زِيالا

فذلكَ تبذلُ منْ ودها ... ولو شهدتْ لم تواتِ النوالا

وقدْ ريْعَ قلبيَ إذْ أعلنوا ... وقيلَ أجدَّ الخليطُ احتمالا

وحثَّ بها الحاديانِ النجاءَ ... مع الصبحِ لما استثارُوا الجمالا

بوازِلُ تحدَى بأحداجِها ... ويحذينَ بعدَ نعالٍ نعالا

فلما نَأوا سبقتْ عبرتي ... وأذرتْ لها بعدَ سجلٍ سجالا

تراها إذا احتثَّها الحاديانِ ... بالخبتِ يرقلنَ سيراً عجالا

فبالظلِّ بدلنَ بعدَ الهجيرِ ... وبعدَ الحجالِ ألفنَ الرحالا

وفيهنَّ خولةُ زينُ النساءِ ... زادتْ على الناسِ طراً جمالا

لها عينُ حوراءَ في روضةٍ ... وتقرُو مع النبتِ أرطى طوالا

وتجري السواكَ على باردٍ ... يخالُ السيالَ ليسَ السيالا

كأنَّ المُدامَ بعَيْدَ المنامِ ... علتها وتسقيك عذباً زُلالا

كأنَّ الذَّوائِبَ في فَرعِها ... حبَالٌ توصلُ منها حِبَالا

ووجهٌ يحارُ له الناظرُونَ ... يخالونهم قدْ أهلوا هلالا

إلى كفلٍ مثل دعصِ النقا ... وكفٍّ تقلبُ بيضاً طفالا

فبانتْ وما نلتُ من ودها ... قبالاً وماذا يُساويِ قبالا

وكيف تبتينَ حبلَ الصفاءِ ... منْ ماجدٍ لا يريدُ اعتزالا

أرادَ النوالَ فمَنيتِهِ ... وأضحى الذي قلتِ فيهِ ضلالا

فتًى يبتني المجدَ مثل الحسَا ... م أخلصهُ القينُ يوماً صقالا

يقودُ الكماةَ ليلقَى الكُماةَ ... ينازلُ ما إنْ أرادُوا النزالا

تشبّه فرسانهمْ في اللقاءِ ... إذا ما رَحَى الموتِ دَارَتْ جمالا

ونمشي رجالاً إلى الدَّارِعين ... كأعناقِ خورٍ تزْجّي فصالا

<<  <   >  >>