هذا التمهيد أيضاً للأصول الثلاثة، وهو بيان لدين الإسلام في الجملة؛ فإن دين الإسلام هو ملة إبراهيم، فقال رحمه الله:[اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إبراهيم أن تعبد الله وحده] والحنيفية التي كلٌ يتمنى أن ينتسب إليها، وكلٌ يسعى إلى الاتصاف بها هي ملة إبراهيم، وهي التي من رغب عنها فقد سفه نفسه، كما قال الله جل وعلا:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة:١٣٠] أي: خسرها وأهملها.
والدليل على أن ملة إبراهيم هي الحنيفية قوله تعالى:{فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران:٩٥] ، وقوله تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:١٢٠] ، فملة إبراهيم هي الحنيفية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم مجدداً لها، وداعياً إليها.
والحنيفية في الأصل؛ مأخوذة من:(حنف) ، وهو: الميل من الضلال إلى الاستقامة.
ويقابلها الجنف، وهو: الميل من الاستقامة إلى الضلال.