هذا الحديث رواه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه، وهو حديث متكلم فيه، وأصح منه -ويحصل به المقصود- في الاستدلال اللفظ الآخر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(الدعاء هو العبادة) ، وأدلة كون الدعاء عبادةً كثيرة واضحة.
هذا فيه أيضاً الاستدلال على الدعاء في قوله:{أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) ، والدعاء المأمور به في الآية دعاء العبادة ودعاء المسألة.
فإذا كان دعاء عبادة فإن استجابته هي الإثابة من الله سبحانه وتعالى عليه.
وإذا كان دعاء مسألة فاستجابته حصول مقصود الداعي والإثابة عليه أيضاً؛ لأن كل من دعا ولو كان دعاؤه بأمر دنيوي فإنه يثاب على دعائه، فلو قال: اللهم ارزقني مركباً هنيئاً، وزوجةً صالحة، وبيتاً واسعاً، فهذه من أمور الدنيا مما يتمتع به في الدنيا، إذا سأل الله عز وجل فإن استجابة الله له تكون بإثابته عليه، وهذا محقق لكل داعٍ.
الأمر الثاني: وهو حصول مطلوبه، فهذا قد يحصل وقد لا يحصل، بناءً على حكمة الله عز وجل في تحقيق مطلوب العبد أو ادخار ذلك له في الآخرة أو دفع شرٍ عنه نظير ما دعا أو مثلما دعا.
وقوله تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر:٦٠] ، فقوله:{عَنْ عِبَادَتِي} فيه دلالتان: الأولى: أن دعاء المسألة من العبادة، والثانية: أن المراد بالدعاء السابق في أول الآية ما هو أعمّ من دعاء المسألة، وهو دعاء العبادة.