والجهاد في سبيل الله يكون على مراتب، فمنه ما يكون جهاداً للكفار، ومنه ما يكون جهاداً للمنافقين، ومنه ما يكون جهاداً للعصاة، وقد ذكر جميع هذه المراتب ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) ، ومنه ما يكون جهاداً بالسيف والسنان، ومنه ما يكون بالعلم والبيان، فطلاّب العلم الذين يبذلون أوقاتهم في تحصيل العلم وتحرير المسائل ومعرفتها على أصولها هم من المجاهدين في سبيل الله تعالى إذا احتسبوا وأخلصوا النية؛ لأن هذا الجهاد تحفظ الشريعة، كما أن الشريعة تحفظ به بالسيف فهي تحفظ بالعلم، لكن ينبغي للإنسان أن يكون صاحب نيةٍ في هذا الأمر ليحصل له ما يريد من الخير، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:(وذروة سنامه الجهاد) أي: أفضل الأعمال بعد الواجبات فأعلى الأعمال بعد الواجبات المفروضة على العموم الجهاد في سبيل الله، ثم إنّ الجهاد منه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو فرض عين، لكنه في حالات محدودة قد ذكرها الفقهاء وأهل العلم في كتبهم، والأصل في حكمه أنه فرض كفاية.
وأما براعة الختام فقد ذكر المؤلف رحمه الله أنه لا يكفي في تحقيق التوحيد والفوز بهذه الأصول مجرد القول، بل لابد من العمل أولاً، ولابد من بلوغ العمل غايته، فالشهادتان اللتان هما الإقرار لله بالإلهية وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لابد أن ينضاف إليهما المحافظة على الأعمال الصالحة، وذكر أشرفها وأعلاها وهي الصلاة، ثم لا يقتصر على المفروضات، بل يسارع في النوافل التي تقربه إلى الله عز وجل، وأشار إلى ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:(وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) فختم هذه الرسالة ببيان ما يثبت به الدين، وعلى ماذا يقوم، وبماذا يحفظ؟ فيثبت الدين بالشهادتين، ويقوم بالصلاة، ويحفظ بالجهاد.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وبهذا تكون قد تمت الأصول الثلاثة التي تضمّنتها هذه الرسالة المباركة للإمام العالم المجدد: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله عنا خير الجزاء.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.