الاستعانة: طلب العون، وطلب العون من الله جل وعلا يكون على الأمور الدينية وعلى الأمور الدنيوية، فإن لم يحصل من الله عون للفتى وللمرء في تحصيل مطلوباته فإنه لا يحصل شيئاً، ولا يصيب غرضاً، وقد ذكره الله في كتابه بعد العبادة؛ لأنها فرع الإقرار بألوهية الله سبحانه وتعالى؛ فإن من أقرّ بأن الله هو المعبود طلب العون منه وحده؛ لأن المعبود هو الكامل في أوصافه جل وعلا.
فقوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فيه إثبات ألوهيته سبحانه وتعالى، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيه إثبات ربوبيته؛ لأنه إنما يستعان بالمالك الرازق المدبر الخالق الذي بيده الأمر وله الأمر كله جلّ وعلا.
قال: [وفي الحديث: (إذا استعنت فاستعن بالله) ] .
واعلم أن إفراد الله بالاستعانة وإخلاص الاستعانة به سبحانه دون غيره كل هذا في الاستعانة العبادية، وأما الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه وهو حاضر أو وهو غائب ويتصل به إما مباشرة أو بكتاب فإن هذا ليس محظوراً، ولا يخل بالتوحيد، ولكن تركه من كمال التوحيد، ولذلك كان الأصل في سؤال الناس وطلبهم النهي.