قال:[وأولهم -أي: أول الرسل- نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، وهو خاتم النبيين] .
أما كون آخر الرسل محمداً صلى الله عليه وسلم فهذا أمر مجمع عليه، فقد أجمعت الأمة على أنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لينتظر، ولا كتاب ليرتقب، فآخر الرسل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وكل دعوى النبوة بعده ضلال وكفر، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام.
وأما كون أولهم نوحاً فهذا هو الذي دل عليه كتاب الله عز وجل، ودلت عليه السنة، وبه نعلم خطأ كثير من المؤرخين الذين يجعلون أول الرسل إدريس، ويقولون: إن إدريس كان قبل نوح، وهذا مخالف لظاهر كتاب الله عز وجل ولصريح السنة.
قال: [وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ}[النساء:١٦٣]] ووجه الدلالة على أن أول الرسل نوح قوله: {وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ، ففهم من ذلك أنه لم يكن هناك رسول قبل نوح، وأما آدم فالصحيح أنه نبي وليس برسول، ولم يرسل إلى أحدٍ، وإنما علّّم أبناءه التوحيد، والناس كانوا على الفطرة وليس هناك رسول، وإنما جاءت الرسل حين حصل الشرك، وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه أخبر أن الناس بقوا على التوحيد عشرة قرون، ثم بعد ذلك حصل الشرك، فبعث الله نوحاً عليه السلام يأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك، ومن السنة حديث الشفاعة، فإن الناس إذا حزبهم الكرب ذهبوا إلى الأنبياء، وممن يذهبون إليه بعد آدم: نوح عليه السلام، ويقولون له:(أنت أول رسولٍ أرسله الله إلى أهل الأرض) ، فدل ذلك على أن نوحاً أول من أرسله الله عز وجل إلى الناس.