حدَّثني أبو الأسود محمد بن الفضل قال: حدَّثني إسحاق بن عمرو العدوي قال: كان محمد بن مناذر من أهل عدن، وكان وقع إلى البصرة لكثرة العلماء والأدباء بها، فما زال يلزم أهل الفقه وأصحاب الحديث والأدب حتى بلغ من ذلك أقصى مبلغ، وكان على ستر وصلاح وحلم ووقار، إلى أن اشتهر بعبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي ثم خرج إلى مكة بعد موت عبد المجيد وأقام بها.
قال إسحاق: فحدثني الحجاج الصواف قال: خرجت إلى مكة، وكان بيني وبين ابن مناذر بالبصرة وصحبة وصداقة، فلما وافيت مكة فسألت عنه فقيل لي هو في المسجد الحرام - قال - فأتيته وحوله أصحاب الشعر والأخبار وأهل النحو والغريب يكتبون عنه، وأنا أظن أن به من الشوق إليّ مثل الذي بي إليه، وأنه إذا عاينني قام إلي وعانقني - قال - فرفع رأسه ونظر إليّ، ثم أقبل على القوم يحادثهم ولا يحفل لي، فقلت في نفسي: تراه ذهبت عنه معرفتي؟ فأقبل أبو الصلت - وكان لنا صديقاً - فلما رآه أقبل عليّ، قال لي: أتعرف هذا؟ قلت: نعم، هذا الذي يقول فيه من قطع الله لسانه: