حدَّثني أبو العباس المبرد قال: كنت منحدراً من سر من رأى، فأدركني المساء فأمرت الملاح أن يقرب الزروق مظلل قد قرب من الشط لنبيت هناك. وكان عند غروب الشمس، فإذا أنا بزورق مظلل قد قرب من الشط، فلما صار إلى الشط خرج منه خادم معه قوس بندق، قم خرج آخر معه خريطة بندق، ثم خرج بعدهم شيخ بهيّ وضيء الوجه قد انحنى على خادم، فلما رأيته قلت في نفسي: ما أشك أن هذا الرجل من أهل النعمة. وقل ما يكون من النعمة إلا أديب وإما وحيد فتبعته وقد أخذ قوس بندق، فرمى عصفوراً فأخطأ. ثم رمى فأخطأ، ثم رمى ثالثاً فأخطأ، فناول القوس بعض الخدم وقال:" نرمي العصافير فنخطيهنّ " قال المبرد: فقلت على البديهة: رمياً ضعيفاً ليس يوذيهن فقال الشيخ: من هذا الذي يجيز عليّ؟ فقلت: أنا - جعلت فداك - المبرد، فمن أنت يا سيدي؟ قال: أنا دعبل. فأسرعت إليه وقبلت يده، ولم أزل أوانسه حتى دخل بغداد، فلما أردت أن أنصرف عنه إلى منزلي منعني وقال: فبمن أسر إذا انصرفت؟ فقلت: جعلت فداك، إن مفارقتك لتشق عليّ، ولكن أنا معذور هذا الوقت، وأعود بعد فنستأنس. فأذن لي. حدَّثني اليزيدي قال: قال رجل لابن الزيات: لم لا تجيب دعبلا عن