حدثني ابن أبي فنن قال: كان المعلى الطائي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكان من أقنع الناس. وقال يوماً: يكفيني في كل سنة خمسون درهماً فضة، فتعجب من ذلك بنوه. وكان لا يغتاب أحداً ولا يتكلم فيه، وكان أعف الناس فرجا وأصدقهم لساناً، وكان من قبل هذه الحال يتعاطى الفتوة والشطارة، ويطلب ويعبث ويفسد ويقطع ويشرب الخمر، ثم تاب وصار بالصفة التي وصفناها. ومما رويناه له قبل التوبة ولكن كان كف عن الفساد الفاحش قوله في مدح المطلب بن عبد الله الخزاعي:
يا شاهر السيف إلى فتنه ... يؤوب مسعاها إلى فوتِ
اخطُبْ إلى مطلبٍ ضربةً ... إن كنت مشتاقاً إلى الموتِ
ترى فتى يروي القنا من دمٍ ... يكسوك منها خلعة الفوت
إذا انتضى أسيافه سخطة ... عجّلن عن سوف وعن ليت
وله أيضاً:
لقد سعدت عيني بوجه كريمةٍ ... وإن كان في غب السرور بها حتفي
فإن مت من شوق إلى عودِ نظرة ... فحسبي من دنياي ما ناله طرفي
إذا سمعت أذناي منطق عودها ... وأفصحت الأوتار عنها بما تخفي