قال فنظر يحيى إلى الفضل وجعفر وقال: سوء أبي الينبغي مما يناقش قال: فلما كان من الغد جئته فقلت: ويحك ماذا صنعت بنفسك؟ لوم تعرضت للبلاء؟ فقال لي: اسكت يا عاجز، والله ما أمسيت أمس حتى وافتني من عند الفضل بدرة، ومن عند جعفر أخرى، وقد أجرى لي كل واحد من مطبخه وظيفة.
[أخبار أبي الخطاب البهدلي]
حدَّثني أبو غانم قال: حدثني موسى بن سعيد بن مسلم عن أبيه قال: كان موسى الهادي لا يأذن لأحد من الشعراء مدة أيام خلافته، ولا يرغب في الشعر، ولا يلتفت إليه، وقد أنهمك في الشرب والقصف، وكان مشغوفاً بالسماع، فلما قال أبو الخطاب البهدلي رائيته سألني فأوصلتها إليه، فلما سمعها أعجب بها شديداً وقال للحاجب: اخرج إلى الباب فمر من ينادي: أين نسابة الأسد؟ ففعل. فلما سمع أبو الخطاب ذلك علم أن شعره قد وصل وعمل عمله. والشعراء مجتمعون - فقال: هأنذا. وأخذ الحاجب بيده وأدخله البيت. فقال: هات أنشدنا، فأنشده قصيدته الرائية، فاستحسنها موسى وأعجب بها، وأمر في ذلك اليوم ألا يحجب عنه شاعر، وأن يعلموا أن أبا الخطاب كان السبب في ذلك. وأمر لأبي الخطاب بألف دينار وكساه وحمله والقصيدة مشهورة وهي هذه:
ماذا يهجيك من دار بمحنية ... كالبرد غير منها الجدة العصر
عفت معارفها ريح تنسفها ... حتى كأن بقايا رسمها سطر