حدثني الخاسر خالي. فقلت له: جعلت فداك، لم سمي الخاسر؟ فضحك وقال: سمي الخاسر لأنه تقرَّأ فبقي في تقرئه مدة يسيرة. فرقت حاله فاغتم لذلك، ورجع إلى شيء مما كان عليه من الفسق والمجون، وباع مصحفاً كان ورثه من أبيه، فاشترى بثمنه طنبوراً - وقيل: باع مصحفاً واشترى بثمنه دفتر شِعْر - فشاخ بالناس خبره، فسمي الخاسر بذلك، وقيل له: ويلك، في الدنيا أحد فعل ما فعلت؟ تبيع مصحفاً وتشتري بثمنه طنبوراً فقال: ما تقرب أحد إلى إبليس بمثل ما تقربت إليه، فإني أقررت عينه.
وقد قيل: إنما فعل ذلك مجوناً، ولم يكن رديء الدين. وأما الذين زعموا أنه اشترى بثمن المصحف الشعر، فقد رووا في أخباره أنه لما أفاد من الخلفاء والبرامكة بشعره ما أفاد من الأموال الجليلة قال: أنا الرابح ولست بالخاسر.
وكان من المطبوعين المجيدين. وكان تلميذاً لبشار بن برد الأعمى، ولما قال بشار بيته هذا:
من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهجُ