للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذ سلم هذا المعنى، وجاء به في أجود من ألفاظه وأفصح وأوجز فقال:

من راقب الناس مات غماً ... وفاز باللذة الجَسُورُ

وقال بشار - حين قال بيته ذلك -: ما سبقني أحد إلى هذا المعنى ولا يأتي بمثله أحد. فلما قال سَلْمٌ هذا البيت، قال راوية بشار: صرت إليه فقلت: يا أبا معاذ، قد قال سلم بيتاً أجود من بيتك الذي تعجب به. قال: وما هو؟ فأنشدته البيت، فقال: أوخ، ذهب والله بيتي، لوددت أن ولاءه لغير آل أبي بكر الصديق فأقطعه وقومه بهجوي. وهذا مما يدل أن بشارً كان صحيح الدين. ثم نحاه عن نفسه، حتى كلمه فيه بعض إخوانه فرده.

وسلم أحد المطبوعين المحسنين وكان كثير البدائع والروائع في شعره وسار بيت سلم الذي ذكرناه، ولم يسر بيت بشار.

ومن جيد ما يروى لسلم كلمته في يحيى بن خالد - ويقال: إنه أخذ عليها مالاً عظيماً ويقال: إنه من عمل بما في هذه الأبيات من قصيدته جاز أن يكون وزيراً والأبيات هذه:

بقاء الدين والدنيا جميعاً ... إذا بقي الخليفة والوزيرُ

يغار على حمى الإسلام يحيى ... إذا ما ضيع الحزم الغيور

وليس يقوم بالإسلام إلا ... معار يستجار ويستجير

كِلا يوميك من نفع وضر ... يحوط حماهما كرم وخير

وما ألهاك عما أنت فيه ... نعيم الملك والوطئ الوثير

<<  <   >  >>