للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصيدته التي هجاك فيها؟ قال: إن دعبلاً قد نحت خشبته وجعلها على عنقه، يدور بها يطلب من يصلبه بها منذ ثلاثين سنة وهو لا يبالي ما قال هؤلاء وما فعل له.

وحدثني إبراهيم بن محمد قال: كان دعبل يخرج إلى خراسان والمأمون بها، والرضا عليه السلام معه هناك، فيمدحها فيجزلان له العطية، وكان يجتاز بقم فيقيم عند شيعتها فيسقطون له في كل سنة خمسين ألف درهم، وكان بقم إنسان يتعاطى الشعر، يقول شيئاً ضعيفاً يضحك منه. وأنشد دعبل شيئاً من شعره، فقال للمنشد، أمسك فإن استماع هذا يصدأ منه السمع. فبلغ الرجل ذلك فصار إليه وقال له: أنت الذي رذلت شعري؟ قد قلت فيك أبياتاً. فقال له: هات، فقال:

في است دعبل بلابل ... ليس يشفى لقابل

ليس يشفيه إلا ... أير بغل بكابل

قال: فسقط في يده وقال: والله ليسرن شعر هذا الجيفة على ألسنة العامة الصبيان، وقال: أعطيك شيئاً وتكتم هذه الأبيات ولا ترويها؟ قال: وما أريد غير ذلك، وكان خفيف الحال، فقال: أعطوه مائة درهم، فقال: والله لا أخذت إلا ألفاًن فقبضه وخرج، فقلنا له: ما صنعت؟ هذا يدفع إليه من درهم إلى درهمين وقد كان يرضيه منك خمسة دراهم، فقال: دعوني من هذا، والله لو احتكم على الخمسين الألف التي قسمت لي بقم لدفعتها إليه. ثم خرج دعبل، وشاع ذلك في البلاد، فهتف به الغوغاء، والسفل

<<  <   >  >>