تخشى - إن كنت أوطأتك نفسك العشوة فينا، وسولت لك ما لا تجده فينا - إن أدع قساً ملأت عليك الأرض خيلاً ورجلاً. فيا طيبها وطيب كثرتها. ما أنت والله ببعيد من بائقتها، والرسوب في لجتها، إن أقمت وثبت على طغيانك، وإن هربت أدركتك.
فما زال ذلك دأبه وهو يخاف أن يدخل، وإذا به قد خرج عليه كلب يبصبص فقال له: الحمد لله الذي مسخك كلباً، وكفاني منك حرباً. ثم قعد لا يدخل البيت، فقيل له: ما لك لا تدخل؟ فقال: لعل اللص في البيت وهذا كلبه قد خرج.
ومما يستحسن لأبي حية النميري قوله:
ألا حي من بعد الحبيب المغانيا ... لبسن البلى مما لبسن اللياليا
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة ... تقاضاه شيء لا يمل التقاضا
ويستحسن أيضاً قوله:
تجود لك العينان من ذكر ما مضى ... إذا ضن بالدمع العيون الغوارز
ألوفان ينهلان من غصص الهوى ... كما انهل شق غيبته الجوارز
يهيج لي نوح الحمام صبابة ... ونوح مرنات شجتها الجنائز