للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما سمع على ضعف نمط الرجل - فأنشده. فقال: لا توصلها إليه، فإن الأمير بصير بالشعر، وهو يقول منه الجيد القوي، ومثل هذا الشعر لا يقع منه موقعاً ينفعك، ولكني أقول فيه مدحه، فانتحلها والقه بها. فأبى، وظن أنه يقول ذلك حسداً، وكان الرجل رقيعاً لا يفطن لعيب نفسه، فقال له: فشأنك إذن وما تريد. فأنشد روح قصيدته عبد الله، فقال له: بمثل هذا الشعر يلقى الأمراء والملوك؟ أيقبل مثل هذا حر؟ وردها عليه، فصار إلى عوف وشكا إليه، فقال له: ألم أنصحك؟ ألم أقل لك: إنه لا يقبل مثل هذا الشعر؟ فلما دخل عوف على عبد الله قال: ويحك يا أبا ملحم، أما سمعت شعر هذا القادم علينا فينا؟ قال عوف: بلى، أعز الله الأمير، قد سمعته ونصحت له فلم يقبل.

وفي ذلك يقول عوف:

أنشدني روح مديحاً له ... فقلت: شعر؟ قال لي: فايش

فخلت لما أن بدا منشدا ... كأنني في قبة الخيش

فقلت: زدني وتغنمته ... والثلج في الصيف من العيش

ومما يستحسن لعوف ويختار له من شعره - على أنه كله مختار ليس فيه بيت ساقط. ولا ناقص -:

وكنت إذا صخبت ديار قوم ... صحبتهم ونيتي الوفاء

فأحسن حين يحسن محسنوهم ... وأجتنب الإساءة إن أساءوا

<<  <   >  >>