للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس بعاشق، فإن أردت أن تعرف ما يقول فمر له بمال له خطر، فإنه سيلهيه عني ويشغله عن ذكري، فأمر له المهدي بمائة ألف، ولم يسم ورقاً ولا عيناً، فأورد أبو العتاهية توقيعة بذلك على الكتاب، فأعطوه مائة ألف درهم على أنه لم يسم شيئاً، فأبى ولم يرض وقال: أنا لا أراه وقع لي بمائة ألف دينار، فإنه لم يكن ليعوضني منها أقل من هذا، فقالوا: حتى نؤامره إذاً في هذا الكتاب، وكان يتردد شهراً يطالب به، فأشرقت عليه عتبة وقالت له: - وقد دخل الدار يقتضي ذلك -: يا صفيق الوجه، لو كنت عاشقاً لشغلك العشق عن المفاضلة بين الدراهم والدنانير. وبلغ كلامها المهدي، فعلم أنها كانت أعرف بقصة الرجل، فأمسك عن أمره.

ولأبي العتاهية في الرشيد وكان وجد عليه فحبسه فكتب إليه:

تفديك نفسي من كل ما كرهت ... نفسك إن كنت مذنباً فاغفر

يا ليت قلبي لديك صور ما ... فيه لتستيقن الذي أضمر

فرق له، ووقع في رقعته: لا بأس عليك، فاطمأن إلى ذلك. ثم تمادى مكثه في الحبس فكتب إليه:

كأن الخلق ركب فوق روح ... له جسد وأنت عليه رأس

أمين الله إن الحبس بأسٌ ... وقد وقعت: ليس عليك باسُ

فأمر بإطلاقه.

ومما كتب إليه في الحبس أيضاً هذا:

إنما أنت رحمة وسلامة ... زادك الله غبطة وكرامة

<<  <   >  >>