وعهدنا ميراثاً بعد الاختيار للأمة، واشتريت المعازف والملاهي بمال اليتيم والأرملة، وحكم في أبشار المسلمين أهل الذمة، وتولى القيام بأمرهم فاسق كل محلة، فلا ذائد يذود عن هلكة، ولا مشفق ينظر إليهم بعين الرحمة، ولا رادع يردع من أوى إليهم بمظلمة، ولا ذو شفقة يشبع الكبد الحرى من السغب، فهم أهل ضرع وضيعة وحلفاء كآبة وذلة قد استحصد زرع الباطل وبلغ نهايته، واستجمع طريده، واستوسق، وضرب بجرانه. اللهم فأتح له يداً من الحق حاصدة تجتث سنامه، وتهشم سوقه، وتبدد شمله وتفرق كلمته، ليظهر الحق في أحسن صورته، وأتم نوره، وأعظم بركته. اللهم - وقد عرفنا من أنفسنا خلالاً تقعد بنا عن استجابة الدعوة، وأنت المفضل على الخلائق أجمعين، والمتولى الإحسان إلى السائلين - فآت لنا من أمرنا حسب كرمك وجودك وامتنانك، فإنك تقضي ما تشاء، وتفعل ما تريد.
حدَّثني جعفر ابن إبراهيم بن ميمون قال: حدَّثني إسحاق بن منصور قال: حدَّثني أبو الخصيب الأسدي قال: لما تناهت أيام بني أمية وانقضت دولتهم وأفضت الخلافة إلى بني العباس، وولى منهم السفاح - وهو ابن الحارثية - اتصل الخبر بسديف وهو إذ ذاك بمكة، فاستوى على راحلته وتوجه نحو أبي العباس - وكان به عارفاً - فلما وصل إليه قال له: من أنت؟ قال: أنا سديف بن ميمون. قال: مولاي سديف؟ نعم يا أمير المؤمنين، ثم هنأه بالخلافة، ودعا له بالبركة، وأنشده قصيدة التي أولها: