للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان العباس بن الأحنف منشؤه ببغداد وكان من بني حنيفة، ويدلك على ذلك قوله:

فإن يقتلوني لا يفوتوا بمهجتي ... مصاليت قومي من حنيفة أو عجل

حدَّثني عون بن جعفر عن محمد بن روح قال: وقع بين مسلم بن الوليد صريع الغواني وبين العباس بن الأحنف تهاجٍ في أمر كان بينهما، فقال له مسلم يهجوه:

بنو حنيفة لا يرضى الدعي بهم ... فاترك حنيفة واطلب غيرها نسبا

اذهب إلى عرب ترضى بنسبهم ... إني أرى لك وجهاً يشبه العربا

وحدثني أبو مالك عن الأجلح بن يزيد قال: كان العباس بن الأحنف صاحب غزل، رقيق الشعر، يشبه في عصره بعمر بن أبي ربيعة المخزومي في عصره، ولم يكن يمدح ولا يهجو، إنما كان شعره كله، في الغزل والوصف، وهو الذي يقول:

أشكو الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني في الهوى رقدوا

لأخرجن من الدنيا وحبهم ... بين الجوانح لم يشعر به أحد

ألقيت بيني وبين الهم معركة ... فليس تنفد حتى ينفد الأبد

ومما يستحسن له قوله:

لو كنت عاتبة لسكن لوعتي ... أملي رضاك، وزرت غير مراقب

لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صد الملول خلاف صد العاتب

ما ضر من قطع الرجاء ببخله ... لو كان عللني بوعد كاذب

وهذا المعنى يشبه قول الشاعر:

أميتني، فهل لك أن تردى ... حياتي من مقالك بالغرور

<<  <   >  >>