الدخول، فقال أبو الغمر: هذا رجل من أخوالي فاتركه، فقال له الحاجب: ويلك ارجع فهو خير لك، فقال لا والله لأدخلن، قال: أنت أعلم - ثم أنشأ سديف يقول:
لا يغرنك ما ترى من رجال ... إن تحت الضلوع داءً دوياً
فضع السيف وارفع السوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا
واستمر في القصيدة حتى أتى على آخرها، وأبو العباس يغتاظ. ويحنق ويتلون. فقال سليمان بن هشام لسديف: يا ابن الفاعلة ألا تسكت؟ فلما قال ذلك اشتد غضب أبي العباس. ونظر إلى رجال خراسان وهم وقوف بالأعمدة فقال لهم بالفارسية: دهيد، يعني اضربوا. فشدخوا رءوسهم بالأعمدة حتى أتوا على آخرهم، ثم نظر إلى سليمان وقال له: يا أبا الغمر مالك في الحياة خير بعد هؤلاء، فقال: أجل، فشدخوا رأسه وجروه برجله حتى ألقوه مع القوم، وصاج الرجل الكلبي فقال: يا أمير المؤمنين أنا رجل من كلب، فقال أبو العباس: ساعدت القوم في سرائهم فساعدهم في ضرائهم، وأومأ أن اضربوه فإذا هو مع القوم، ثم جمعهم وأمر بالأنطاع فبسطت عليهم ثم جلس فوقهم، ودعا بالغداء فتغدى، وإن بعض القوم ليتحرك، وفيهم من يسمع أنينه، فلما فرغ من غدائه قيل له هلا أمرت بهم فدفنوا أو حولوا إلى مكان آخر فإن رائحتهم تؤذيك؟ قال: والله إن هذه الرائحة لأطيب عندي من رائحة المسك والعنبر الآن سكن غليلي.
ومما يستحسن من قول سديف في الغزل:
أعيب التي أهوى وأطري جواريا ... يرين لها فضلا عليهن بينا