للمعتدين، فإن أئمة الجور إنما يكيدون الصالحين باستصحاب أهل العلم. وحدثني ورقاء بن محمد العجلي قال: حدثني أبو صاعد قال: كان العتابي مجيداً مقتدراً على الشعر عذب الكلام، وكاتباً جيد الرسائل حاذقاً، وقلما يجتمع هذا لأحد، ولما اشخصه المأمون إليه دخل عليه قال له المأمون: بلغتني وفاتك فساءتني ثم بلغتني وفادتك فسرتني. فقال: يا أمير المؤمنين. لو قسمت هذه الكلمة على أهل الأرض لوسعتهم، وذلك أنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك. فسر المأمون بكلامه وقال له: سلني. قال: يا أمير المؤمنين، يدك بالعطية أطلق من لساني بالمسألة.
وحدثني جعفر المالكي قال: ما سمعت كلاماً قط. لأحد من المتكلمين أحسن من كلام العتابي. وما رأيت كاتباً تقلد الشعر مع الكتابة إلا وجدته ضعيف الشعر غيره، فإنه كان فحل الشعر جيد الكلام.
ومما يستحسن له من شعره قوله:
ردت إليك ندامتي أملي ... وثني إليك عنانة شكري
وجعلت عتبك عتب موعظة ... ورجاء عفوك منتهى عذري
ومما يستحسن
تجنب دار العامرية إنها ... تكلفه عهد الصبا والكواعب
منازل لم تنظر بها العين نظرة ... فتقلع إلا عن دموع سواكب
ولا وصل إلا أن تعاج مطية ... على دارس الأعلام عافي الملاعب